خبر وتحليل – عمار العركي: إتفاقية ميناء ابو عمامة.. إلغاء بعد حسرة وندامة
نصَحْتُ لهم نُصْحي بمُنْعرج اللّوى.
فلم يستبينوا الرّشد إلى ضحَى الغد.
▪️بيت الشعر أعلاه ينطبق حرفياً على لجنة الاشراف وتشغيل الميناء – مطبخ الإتفاقية – برئاسة الفريق ابراهيم جابر ووزير النقل هشام أبو زيد ووزير المالية د. جبريل إبراهيم الذي صرح في مؤتمره الصحفي الأخير قائلاً : ( تم إلغاء مذكرة التفاهم مع دولة الإمارات العربية بشأن الشراكة لقيام ميناء ابوعمامة وبعد الذي حدث من الإمارات لن نمنحها سنتمتر واحد من أرض السودان).
▪️ نصحنا وحذرنا من هذه الإتفاقية غداة التوقيع عليها فى 2022/12/15م من خلال ثلاث مقالات ما زالت عالقة على الشبكة العنكبوتية تتحدث عن مخاطر الاتفاقية “المشبوهة” وتأثيراتها السالبة على الأمن القومي وأمن البحر الأحمر ومن شأنها زعزعة الإستقرار السياسى والمجتمعى بشرق السُودان.
▪️حذرنا من التورط والغرق في مستنقع ” موانيء دبي ” الآسن ، ودعمنا مقالاتنا بالسوابق والتجارب الأستثمارية الإماراتية الفاشلة في موانيء دول منطقة القرن الإفريقي، وحذرنا من الذي ” حدث قبل أن يحدث ” والذى بموجبه – بعد وقوع الفأس على الراس – تم الغاء الاتفاقية وعدم منح الإمارات سنتمتر واحداً من أرض السودان.
▪️ولكن نجحت موانئ دبي واسامه داوود فى نصب الشرك ، حيث تم التوقيع من قبل السيد وزير المالية عن الحكومة السودانية ، وتحالف إماراتي سوداني “أكثر شبهة” يضم شركتي “موانيء ابوظبي” و”إنفيكتوس للاستثمار” التي يديرها رجل الأعمال السوداني “الأكثر شبهة” أسامة داوود يقضي بتطوير ميناء “أبو عمامة” على ساحل البحر الأحمر باستثمارات تصل إلى 6 مليارات دولار،
▪️أدناه واحد من مقالاتنا الثلاث ، نُشر بعد اسبوع من التوقيع 2022/12/22م كتبنا فيه نصاً : بدأت الإمارات قبل عدة سنوات مشروعها الإستثمارى في موانيء البحر الأحمر، بعد أن أدركت مدى أهمية الموانيء البحرية في الاقتصاد والسياسة العالمية فأقامت مؤسسة موانيء دبي.
▪️أبرمت الإمارات عدداً من الاتفاقيات مع دول المنطقة لإيجار وتشغيل موانيها، تسببت في عدم الإستقرار بتلك الدول، وزادت من توتر الأوضاع بالمنطقة مثل إحداث فتنة وخلافات فى “الصومال” بين حكومة الرئيس فرماجو وبرلمان بلاده بسبب مساعى الامارات في الإستحواذ على الموانيء.
▪️بعد الرفض الصومالى، توجهت الإمارات نحو موانئ إقليم ” هيرجيسا ” الإنفصالي وعملت على دعمها وتقويتها ومساعدتها في الحصول على الإعتراف نكاية فى “الصومال”.
▪️ذات النهج الإماراتي تكرر في اتفاقية موانيء (دوارليه) مع حكومة جيبوتي التى انتهت الى تقاضى وتحكيم دولي ، كذلك اتفاقية ميناء (مصوع) الإريترى التى خلصت الى إلغائها من جانب اريتريا مع طرد السفير الإماراتي ، تلاها انهيار اتفاقية ميناء عدن الجنوبي في “اليمن”، وفشل اتفاقية الشركة الفلبينية الإماراتية في السودان فترة حكم الإنقا
▪️فى ذات سياق الإستثمار الإماراتى المريب حذرنا من إستحواذ الإمارات على آراضى الفشقة بذريعة نزع فتيل الأزمة من خلال صفقة ثلاثية ظالمة للسُودان صاحب الآرض .
▪️الإستثمارات الإماراتية عموماً ًتُشكل تهديداً على الأمن القومي السوداني وأمن البحر الأحمر برُمته جراء المساعي والأطماع الإماراتية في (آراضي وموانيء) السودان لإشباع رغباتها وتحقيق اطماعها وطموحاتها التوسعية مستخدمة كل الأساليب السياسية والإقتصادية و الإستخبارية ،والذي بدأ بالإختراق وتجنيد العملاء والمتعاونين في حكومة البشير من أعلى المستويات الوظيفية إلى أدناها.
▪️السمة البارزة للسيطرة الإماراتية والحوم حول موانيء وشواطيء البحر هي استغلال اجواء التوتر الأمني والسياسي وعدم الإستقرار لسببين ، الأول في الوضع الطبيعى والمستقر لن تقبل بها دولة في اراضيها نسبة لإفتضاح مراميها ونواياها وتقديم مصلحتها السياسية والإقتصادية قبل كل شيء، السبب الثاني هو أن الإمارات ليس بمقدورها تحقيق تطلعاتها ومطامعها الا في الأجواء العكرة و الأزمات المشتعلة لأن هذا ميدان خصب لأدواتها المتاحة ( المال+المخابرات) حيث أنها تفتقر للعمل السياسي المقنع و الدبلوماسي الناعم باعتبار أنه اسلوب يتطلب صبر وتأني ، بينما الإمارات عجولة و تستعجل النتائج.
▪️ الإمارات تعتقد أن بالمال والمخابرات يمكنها إختصار الوقت وإجتياز المسافات والعقبات ، وهو احد اسباب فشل المشروع الإماراتي الإستراتيجي ، وسيتواصل الفشل ريثما تغير الامارات سياساتها وتحترم سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها ، والكف عن شراء ضعاف النفوس ، وإفساد ذمم مسئوليها ونافذيها ورجال أعمالها بالمال، طالما أن مشروعها يتصل مباشرة بالشعب السُوداني المتوجس ومجتمعاته الرافضة والمعارضة لهذا الإسلوب المريب.
▪️كذلك حال اكتمال صفقة ميناء ابو عمامة وعند التنفيذ نتوقع بأن يتطور الأمر إلى تفجير صراعات وخلافات مكتومة بين مصر و السعودية من جهة و الإمارات من جهة أخرى ، خصوصاً وأن السعودية لديها خلاف كبير مع الامارات بسبب ميناء عدن الجنوبي واستحواذ الإمارات عليه دون رضا من السعودية ، قبل أن تغادره وتتوقف عن الصرف المادي على حرب اليمن، مما جعل السعودية تذهب لمهادنة الحوثيين وعقد اتفاق لهدنة مرغمة عليها.
▪️بالتالي، سارعت كل من السعودية ومصر لتأسيس كيان الدول الثمانية المشاطئة للبحر الاحمر وخليج عدن بغرض تامين وحماية البحر الأحمر ، ولقطع.الطريق امام الاطماع الاماراتية وتمددها في مناطق نفوذ وسيطرة دولتي البحر الاحمر (مصر والسعودية).
▪️ ايضاً ، ستشهد شواطيء السودان والبحر الاحمر صراع وتنافس أكثر خطورة وضرراً على السُودان بين الصين والولايات المتحدة ، خاصةً وأن الأولى في حالة غضب وإستفزاز بعد تحذير البنتاجون للسودان من ابرامه اي اتفاقيات مع الصين وروسيا ، بينما الصين على علم تام بأن الإمارات تعمل بالوكالة لأمريكا وتنوب عنها في هكذا اتفاقيات ،
▪️ على مستوى الداخل السُوداني ، فمن شأن هذه الإتفاقية زيادة حدة التوتر وعدم الإستقرار في شرق السُودان الملتهب أصلاُ ،وقد بدأت ارهاصات ذلك في البروز بين الأجسام والكُتل التي تُشكل مجتمع شرق السودان بين داعم ورافض ،
▪️كذلك نتوقع نشوء ازمة داخل الجهاز التنفيذي الحكومي، بين الجهات المختصة والمعنية بالاتفاق من الناحية “الأمنية” مثل جهاز المخابرات العامة والإستخبارات العسكرية اللذان لابد وأن لديهما تحفظات ومآخذ على الصفقة كمهدد أمني ولم نلتمس لهما أي دور في الإتفاقية.
▪️اتوقع تحفظات لوزارة الدفاع التي أوكل اليها أمر القوامة والوصاية على “قانون الجرف القاري والمنافذ البحرية” والتي لم نرصد لها دور مؤثر في الجانب الفني للاتفاقية ،كذلك هئية الموانيء البحرية والكيانات العمالية المطلبية بالحر الأحمر، فالأولى جاهرت برفض التهميش والإقصاء من الإتفاق ،
▪️لربما يكون في ظهور عضو المجلس السيادي الفريق ابراهيم جابر لأول مرة عند التوقيع المبدئي ، رسالة لتلك الجهات ، ولكني أعتقد هذا غير كاف لتخفيف حدة الهواجس والمخاوف من هذه الصفقة المريبة و الغامضة.
*خلاصة القول ومنتهاه :*
▪️من المتعارف عليه في عالم الإستثمار والتجارة وإبرام الصفقات والإتفاقيات ضرورة توفر تجارب وسوابق ناجحة وسمعة سوقية جيدة وكفاءة فنية وإدارية ، مع الإلتزام والتقيد التام بنصوص الأتفاقيات ، الأمر الذى تفتقده “شركة موانئ دبي” سيئة السمعة.
▪️بالتالى على الحكومة السودانية إعادة النظر في هذه الإتفاقية المريبة التى تتعدى التجارة والإستثمار وتضر بالأمن القومي السوداني، وزعزعة أمن البحر الأحمر انطلاقاً من الساحل السُودانى. .