أخبار

صديق البادى: هوامش على لقاء البرهان مع الصحافيين و الاعلاميين

التقيت بالصديق الصحافى الأستاذ أحمد عمر خوجلى فى السوق الكبير ببورتسودان و علمت منه أن الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى و القائد العام للقوات المسلحة سيلتقى بالصحافيين و الكتاب الصحافيين و كافة الاعلاميين الذين اضطرتهم الظروف للاقامة ببورتسودان ولو مؤقتاً و حدد لى موعد و مكان اللقاء و ترددت هل أذهب أم لا إذ ربما تكون فى مكاتب الاستقبال قائمة محددة بأسماء المدعوين و توكلت على الله و ذهبت و سمح لى بالدخول دون اعتراض و التقيت بعدد من الزملاء و الأصدقاء الذين طال العهد و لم أقابلهم و أحسنوا مشكورين استقبالى وتآنسنا و قضينا وقتاً طيباً ووجدت ضمنهم الصديق القديم الأستاذ نبيل غالى و حييته و عزيته فى زوجته التى توفيت و قبلها ذهبت اليه بالكنيسة التى يقيم فيها فى هذه الأيام لا عزبه و لم اجده. اما الصديق العزيز الأستاذ الصادق الرزيقى الذى يجيد التعبير بالقلم و التعبير بالكلم واللسان الطلق المبين و هو صاحب قلم سيال و كاتب لا يشق له غبار و من حيث طلاوة و نداوة و سلاسة الاسلوب و المفردات الباذخة و اللغة الرفيعة الرصيتة فهو يقف فى الصف الاول ضمن كبار الكتاب فى الوطن العربى و قد فوجئت بوجوده فى بورتسودان و كان هو عراب اللقاء مع وزير الثقافة والاعلام المكلف دكتور جراهام عبد القادر وتربطنى بالصادق صداقة حميمة منذ ستة و ثلاثين عاماً و هو شاب محبوب علاقاته واسعة ممتدة مع كل ألوان الطيف السياسى و الاجتماعى و عرف بالادب و التهذيب و مكارم الاخلاق و صفاء و نقاء النفس و قد رضع لبان الأدب و التهذيب و العلم من منزله و من والده المربى و المعلم الشيخ ابراهيم الرزيقى خريج الازهر الشريف و بلطفه المعهود استقبلنى استقبالاً اخجلنى و غمرنى بكلمات لا استحقها وألبسنى جلباباً اوسع منى بكثير. و فى خطابه طالب بدعم الصحافيين و تقدير الظروف التى يمرون بها مع قيامهم بواجباتهم و طالب باقامة صندوق لدعمهم و عدد متطلباتهم و طالب بذلك آخرون من الذين تحدثوا قطعاً أنهم يستحققون ذلك و أكثر من ذلك عاجلاً لا آجلاً ووعدهم البرهان خيراً مثمناً ادوارهم التى قاموا و يقومون بها .

و السبب الذى دعانى و حفزنى لحضور هذا اللقاء يتعلق بالجانب الانسانى و ظللت اتواصل مع الكثيرين فى العاصمة و الجزيرة و الولايات الاخرى و يؤكدون ان الاحوال المعيشية فى غاية السوء لا سيما بالنسبة للذين يقيمون فى المدارس و معكسرات النزوح و قبل يوم من حضور اللقاء حزنت لان سيدة سبعينية نازحة تبكى و تردد على مسامعنا و نحن فى الحافلة بكلمات متقطعة انها فقدت فى غارة واحدة ثمانية من ابنائها و بناتها واحفادها و مثل هذه و غيرها من الذين يعيشون ظروفاً صعبة فى مساكن من الحطب و الجوالات و يعانون فى الحصول على الماء وتلقيهم كرتونة فيها مواد غذائية تكفيهم بالكاد مدة اسبوع و تقدم اليهم مرة واحدة فى اشهر وان هؤلاء احق بالدعم منى لأن حالى مستورة و علاقتي موصولة باسرتي و اهل بيتى و ارفض اخذ جنيه واحد من الحكومة يستحقه غيرى اكثر منى .

وتحدث الفريق اول البرهان بلسان طلق مبين واثلج صدرى كثيراً ما ذكره عن تكوين حكومة خبراء و تكنقراط انتقالية و هذا ما ظللنا نطالب به . وان كل القوى السياسية و الاحزاب بلا استثناء ليس لها حق فى حكم السودان فى هذه المرحلة و قد سقط النظام السابق قبل خمسة اعوام واربعة أشهر و تلقائياً سقطت و انتهت فترة و مرحلة الشرعية الثورية وليس لهم بالاجماع شرعية عبر صناديق الاقتراع و الوطن يحتاج لفترة انتقالية عمرها لا يقل عن خمسة اعوام يقودها عمالقة و جهابذة من الخبراء و التكنقراط مع تكوين مجلس استشارى او تشريعى انتقالى من الخبراء و من ممثلى كل ألوان الطيف دون حوجة لحاضنة هنا أو حاضنة هناك ( و بعض هذه الحواضن الانتهازيه النفعيه هنا او هناك هى سبب البلاوى ) و نرجو التعجيل بتكوين حكومة الخبراء و التكنقراط الانتقالية و تشكيل المجلس التشريعى الانتقالى مع تنويع طيفه و توسيع انائه مع ضرورة اعادة تشكيل المحكمة الدستورية بعد سنوات من التعطيل و التجميد اختل فيها ميزان العدالة . و على ذكر حكومة التكنقراط فان من حق كل منهم أن تكون له رؤاه و قناعاته و هذا امريخصه شخصياً و لكن عليه أن يمارس عمله بمهنية و على سبيل المثال فان دكتور عبدالله حمدوك كمواطن سودانى تخرج في كلية الزراعة بجامعة الخرطوم و نال دراساته العليا فى بريطانيا متخصصاً فى الاقتصاد الزراعى يمكن ان يتم ترشيحه لموقع وزير الزراعة او لموقع وزير التخطيط الاقتصادى و سبقه ثلاثة من ذوى الوزن و الثقل و التجارب التراكمية شغل كل منهم منصب رئيس الوزراء ثم اصبح فى مرحلة لاحقة وزيراً وهم الاستاذ سرالختم الخليفة رئيس الوزراء فى عهد الفترة الانتقالية بعد ثورة اكتوبر عام 1964م الذى عين فى عهد مايو وزيراً للتربية و التعليم و السيد بابكر عوض الله رئيس اول برلمان سودانى ورئيس القضاء الاسبق ورئيس الوزراء فى اول عهد مايو اعفيه من رئاسه الوزراء و عين وزيراً للعدل و السيد الرشيد الطاهر بكر رئيس الوزراء فى منتصف عهد مايو الذى اعفى من منصب و عين وزيراً للخارجية و من النماذج ايضاً ان كميل شمعون كان رئيساً للجمهورية فى لبنان و فى آخر سنوات عمره قبل وفاته عمل وزيراً للداخلية .

ويبدو جلياً من خلال المعطيات و من خلال ما ذكر ان الحرب ستستمر و لن تتوقف قريباً و الذى يدفع ثمنها هو الانسان السودانى الاعزل من السلاح . و جاء فى الاخبار متزامناً مع ذلك ان الضرب العشوائى بالدانات و المسيرات فى العاصمة و غيرها ما زال مستمراً …

و الجزيرة افقرت تماماً بما نهب منها من عربات واموال وذهب و محاصيل زراعية و تقبلوا ذلك فى صبر و لا يمكن لاعزل من السلاح ان يقاوم حاملاً للسلاح اتاه فجأة و بالقعل والرشد فانه يفدى و يحمى نفسه لئلا يفقد روحه او جزءً من جسده و رضوا بان تكون بينهم مساكنة و معايشة هادئة حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً و لكن بدأت مرحله جديده بمحاولة طرد سكان عدد من القرى واجبارهم على اخلائها تماماً و يخشى الكثيرون ان تكون هذه بداية لتهجير واخلاء عام .

والضرورة تقتضى ايجاد معالجات ناجزة و اتباع كل السبل الممكنة .. و منها مثلاً توجيه نداء للقياديين من ابناء الجزيرة الذين يمكن ان يسعوا بعلاقاتهم لايقاف ما يجرى و من هؤلاء المهندس خالد عمر يوسف محمد الامين ابن مدينة فداسى و هى اول مدينة ريفية تم اجتياحها و نهب عرباتها و ممتلكاتها بعد دخول الجزيرة . وهو من ناحية والدته حفيد العالم النحرير و الرجل الامة الشيخ محمد عبدالله الوالى ومن ناحية والده هو حفيد عمدة فداسى الشيخ يوسف محمد الامين.. و ياسر سعيد عرمان لاول مرة اذكر اسمه و ليست بيننا معرفة او خلافات شخصية و لكن يوجد خلاف فى الرأى ووجهات النظر فى الشأن العام مع مراعاة علاقات اهلية واسرية . و نرجو ان يسجل موقفاً يحسب له و يفتح صفحة جديدة معه بسعيه من خلال علاقاته و صلاته ايقاف هذه الحملات الجائرة ضد المواطنين من و ايقاف عمليات الهجوم المسلح على الابرياء و الاكتفاء بالمساكنة الهادئة حتى يقضى الله امراً كان مفعولاً و بعض الشر اهون من بعض .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى