(الانتخابات).. محن الطريق الطويل للقوى المدنية
كلما ضاق أفق العملية السياسية تترامى للعلن دعوات الاتجاه صوب (الانتخابات) التي كان من بينها دعوة رئيس (يونيتامس) بيرتس فولكر الذي طالب بالاسراع في تشكيل الحكومة الانتقالية من أجل العمل للتجهيز لقيام الانتخابات، ومنذ سقوط نظام البشير رفضت بعض القوى الاستحقاق الدستوري في وقته بعد مرور أربع سنوات، وتعللت بأن الفترة الزمنية الموسومة غير كافية.
فيما ذهبت بعض القوى المدنية إلى أن صندوق الاقتراع سيحقق أهداف الثورة عبر الفترة الانتقالية التي تأتي بحكومة الشعب، وترى أن المكونات الرافضة للانتخابات تريد أن تحكم فترات طويلة لأنها لا تثق في فوزها بسبب ضعف قواعدها، ويرى مراقبون أن قيام الانتخابات سيحسم الأزمة السياسية التي صاحبت الفترة الانتقالية، خاصةً بعد اشتعال فتيل الأزمة عقب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي التي قابلتها الحاضنة السابقة للحكومة قوى الحرية والتغيير بالرفض المتشدد، وعللت ذلك بعدم استقرار الأوضاع السياسية في البلاد.
برلمان ومفوضيات
ويرى المحلل السياسي دكتور عبده مختار أن تشكيل الحكومة الانتقالية لا يعني الإسراع لقيام الانتخابات سواء كانت مبكرة أو عامة، لأنها تحتاج لتوفير العديد من الأشياء، أولها أن يتم تشكيل حكومة متفق عليها من الجميع عقب توفير الاستقرار وهذا لا يمكن أن يتوفر إلا من قبل حكومة كفاءات مستقلة، وأضاف مختار في حديثه لــ (الانتباهة) أن الاتجاه السائد الآن برعاية فولكر والآليتين الرباعية والثلاثية أن يتم تشكيل حكومة مدنية، غير أنها قد لا تحظى بعمق شعبي أو سند جماهيري، لجهة أنها لم تمنح تفويضاً من الشعب، خاصةً أنها ليس لها تمثيل لشباب الثورة ولجان المقاومة، بجانب أنها لن توفر الاستقرار المطلوب للإعداد للمحفل الدستوري المهم وجميع القضايا، بالإضافة إلى أن قيام الانتخابات مرتبط بوجود حكومة انتقالية يتفق عليها الجميع، وزاد قائلاً: (لكن الحرية والتغيير المجلس المركزي تسعى لتشكيل حكومة دون اتفاق الجميع، وسيؤدي هذا الإصرار لرفض جهازه التنفيذي المرتقب من قبل الشارع)، وشدد محدثي على ضرورة قيام مجلس وطني يتم فيه التعيين من جميع المكونات التي تدير المشهد السياسي بالاتفاق معها، مشيراً إلى أن وجود البرلمان مهم جداً، وذلك لرعاية الانتخابات من خلال تكوين لجنة مختصة للتجهيز للانتخابات، بالإضافة إلى أن حكومة الكفاءات المستقلة ستعمل على تشكيل المؤسسات المعنية بالاستحقاق الدستوري وعلى رأسها مفوضية الانتخابات، وهي التي ستعمل على التجهيز للانتخابات وتعني بمراجعة سجلات الناخبين والهوية والجنسية بالتعاون مع المجلس القومي للسكان ووزارة الداخلية للتجهيز لتعداد سكاني جديد ومراجعة الجنسيات التي منحت لعدد كبير من الذين دخلوا البلاد أيام النظام السابق وحتى الآن، وأشار إلى ضرورة ضبط الهوية السودانية ومن يحق له أن ينتخب، وهذه الأشياء لا يمكن أن تتم بالكيفية التي أشار إليها فولكر، وإنما بطريقة مختلفة بوجود حكومة متفق عليها تجد التأييد من الشارع.
توفير مناخ
وقطع عضو اللجنة المركزية للحرية والتغيير وزير الصناعة السابق إبراهيم الشيخ في تصريحات سابقة له بأن ما يُشاع عن رفض الأحزاب السياسية دعوات قيام انتخابات مبكرة غير صحيح، وبرر رفضهم لقيامها في هذا التوقيت بأن الأحزاب تشير إلى ضرورة توفير بيئة ومناخ مناسبين لعملية الانتخابات، وقال الشيخ إن العملية الانتخابية لها شروط مهمة لقيامها، وطرح الشيخ عدداً من الأسئلة منها: هل العسكر مؤتمنون على إجراء انتخابات حرة ونزيهة؟ وهل تحقق السلام كاملاً وترتيباته الأمنية وتم توطين النازحين واللاجئين؟ وهل تم التعداد السكاني وأنجز قانون الانتخابات؟
ويقول القيادي بالحرية والتغيير بشرى الصائم إن الفترة الانتقالية حددت بتسعة وثلاثين شهراً، مشيراً إلى أنها في الفترات الانتقالية السابقة عقب سقوط نظام عبود ونميري كانت عاماً واحداً، مما تسبب في فشلهما لأن فترة العام لم تكن كافية لإحداث تحول ديمقراطي، ولفت إلى أن الوثيقة الدستورية بها واجبات ومهام كثيرة حددت لها (39) شهراً لتتفيذها.
وأضاف الصائم أن التحول الديمقراطي هو إقامة الدولة المدنية في الفترة الانتقالية، لكي يحدث التحول الديمقراطي والوصول لانتخابات، وقال ان كل الانقلابات التي حدثت في السودان لم تتم إزالة آثارها السياسية وقوانينها، وأردف قائلاً: (بل عملنا بها، لذلك لقيام دولة مدنية لا بد من تفكيك النظام السابق)، وأشار إلى أن فترة عام للفترة الانتقالية ليست كافية لإزالة آثار نظام عمره ثلاثون عاماً بالإضافة إلى تعديل القوانين، وذكر الصائم انه لا يمكن دخول الانتخابات بقوانين النظام السابق التي يبلغ عددها (60) قانوناً، ولا بد أن يتم تعديلها داخل مجلس تشريعي، بالإضافة لقيام مؤتمر دستوري يحدد نظام حكم البلاد، بجانب إكمال جاهزية الأحزاب السياسية وترتيبها لكي تخوض العملية الانتخابية.