العيكورة يكتب : *تعقيباً على تحليل رئيس التحرير بالامس*

*تعقيباً على تحليل رئيس التحرير بالامس*
بقلم/صبري محمد علي (العيكورة)
طالعت بالأمس كغيري تحليل الأستاذ احمد يوسف التاي رئيس تحرير موقع (5Ws service) عن الإنشقاق الرابع كما سماه لحزب المؤتمر الوطني في إشارة لبوادر خلاف جديد بين أثنين من مكوناته أحدهما تحت قيادة مولانا أحمد هارون والآخر يقوده المهندس إبراهيم محمود حامد وإن كان التحليل لم يؤكد حتمية هذا الإنشقاق عطفاً لما يظن الكاتب أن هناك مجهودات لرأب الصدع الحديث بمجهود يقوم به (البروف) إبراهيم أحمد عمر و(البروف) إبراهيم غندور . وإن كان الأمر ليس إنشقاقاً بالمعنى الذي أشار إليه ود التاي بقدر ما هو إختلاف في فهم النصوص حول هيكلة الصلاحيات كما هو متداول بالوسائط وأعتقد أن هذا شأن داخلي لن يُعجز قيادة الحزب عن تجاوزه
أولاً …..
كُنتُ أتمنى لو جاء التحليل تحت عنوان تجربة الإسلاميين في الحكم عموماً وليس كما أشار الكاتب لكان ذلك مقبولاً
ذلك لأن الكاتب تناول ما قبل المصالحة مع نميري ١٩٧٧م ففي ذلك التاريخ لم تكُن قد تخلّقت الجبهة الإسلامية دعك عن ميلاد المؤتمر الوطني
ثانياً ….
أستاذ (التاي) أشار تصريحاً لتمكين الراحل الشيخ الترابي لجماعته ضمن مشاركته نميري
داخل مفاصل الدولة وأشار لتحصيل المال كالضرائب وغيرها وذكر أنه (الشيخ) لم يُبالي إن كانت الوظائف صغيرة أو كبيرة في ظل عزوف حزبي الأمة والإتحادي
طيب ….
أين المشكلة هنا؟
في أن تقبل بالقليل و تُطالب وتجتهد وتسعى لما يحقق هدفك طالما انت صاحب فكرة و رؤية حزبية مُعينة داخل الساحة السياسية السودانية
(التاي) ذكر أن الشيخ مكّن لجماعته في وظائف المال مما جعلهم أكثر جاهزية لتشكيل حزبهم (الجبهة الإسلامية) بعد سقوط نميري
وهذا (برأيي) كلام عام يحتاج إلى دليل ولا أظن أن هناك موظفاً كان بإمكانه أن (يلعب) على نميري يومها أو أن يتجاوز قوانين الخدمة المدنية في التعيين .
ثالثاً …..
يُفهم من كلام (ود التاي) أن أساس أموال الإسلاميين كان الإعتداء على الأموال العامة وإن كان لم يذكُر ذلك صراحة ولكنه لمّح الى ذلك
ولكنه أغفل أن للإسلاميين مصادر تمويلهم الخاصة من الإشتراكات أو المشاريع الإستثمارية و دعم الرأسمالية والتجار من عضويتهم الذين كان يعرفهم السودان جيداً مثلهم كسائر الأحزاب
رابعاً …..
ذكر (ود التاي) أن المؤتمر الوطني (تمدد)!!
وكأن ذلك كان يتم خارج صناديق الإقتراع أو أن هناك تزوير للإرادة الوطنية كان يقوم بها وهذا أيضاً يحتاج الى دليل
ولكنه أغفل نجاح الإسلاميين في التغلل داخل أوساط طلاب الثانويات وطلاب الجامعات و المثقفين و قادة الفكر و الرأي الشئ الذي فشلت فيه الأحزاب التقليدية الأخرى
ولعل الأستاذ التاي يذكر جيداً كيف سهرت (البي بي سي) ليلة فرز صناديق الإقتراع و إعلان فوز الجبهة الإسلامية القومية ب (٥٨) مقعداً من مقاعد البرلمان (علي ما أظن) وكلها كانت دوائر الخريجين مما جعل المخابرات الغربية تسهر تلك الليلة بقلق تحلل و تستضيف من يكشف لها هوية هذا القادم الجديد بالسودان
إشارة ود التاي بأنهم إختاروا المعارضة نعم صحيح في بواكير الحكم الإئتلافي بين حزبي الأمة والإتحادي
وهذا (تكتيك) وتقدير موقف لا يُعاب عليهم
ولكن هذا الخيار(المعارضة) هو ما جعل حزبي الأمة والاتحادي يرضخان أمام هذه المعارضة البناءة الي تشكيل حكومة إئتلافية من الأحزاب الثلاثه تفادياً لسقوط حكومة الحزبين
أيضاً لا أعتقد أن ما أشار إليه (ود التاي) بتعداده للإنشقاقات سواءاً كانت المفاصلة الكبري أو ذهاب الدكتور غازي أو الراحل الطيب مصطفى كل بحزبه
يُعد ذلك منقصة بقدر ما هي ظاهرة صِحِّية تُؤكد نهج الشورى التي كانت بينهم وحرية رأي والرأي الآخر وإن صاحبها بعضاً من الشطط ولكنهم ظلوا على إحترام ولم ينقطع حبل الود بينهم
لكن الشئ الذي بحثت عنه داخل ثنايا التحليل ولم أجده هو …..
*ماذا قدمت حكومات هذا الحزب للسودان*
لم يذكر منها شيئاً !!
كنت أتمنى لو عرّج بنا على رغيفة الخبز مثلاً بكم تركها الإسلاميون وكم هو سعرها الآن وقس على ذلك من متطلبات الحياة وليته حدثنا عن قوة الارادة الوطنية والتفاف الشعب حول حكوماته
كنت أتمني لو ذهب بالتحليل الى سفر البترول والطاقة والسدود والجامعات والذهب والتصنيع الحربي وتقانة الفضاء
فالتاريخ عندما يحكي عن حقبة ما
فإنه يسرد بإسهاب ما أحدثته من حراك تنموي وتطور تماماً كما يُثبت لها ظلمها وبطشها وبسطها للعدل إن وُجد أيهما كان سائداً
وأخيراً …..
وإن كان المقال جاء تحت عنوان *(يواجه شبح الإنشقاق الرابع … الوطني حزب يصارع أسباب الفناء)*
إلا إنه لم يلتزم بالعنوان داخل السطور
فالتحليل الموضوعي سيما لو كان تاريخاً فلا يُمكن أن يُكتب من زاوية واحده إن أُريد له أن يكون مُنصفاً وخالياً من الغرض
أحد المُجرمين أُوتي به أمام الحاكم فإستهل الدفاع عن نفسه ب (هاؤم إقرأوا كتابيه)
فقال له الحاكم إنما يُقال هذا يومُ القيامة
فقال له والله إن هذا لأشدُ عليّ من يوم القيامة
فيوم القيامة يُؤتي بحسناتي وسيئاتي وأنتم أتيتم بسيئآتي وحدها !
أعتقد أننا نحتاج حالياً لإستنهاض هذه الأمة و دفعها نحو التعافي والبناء الوطني والوحدة والإلفاف حول ما يجمع لا أن نجتّر عليها إخفاقات أحزاب هي من صُنع البشر وأمم قد خلت لها ما كسبت وعليها ما إكتسبت ولا يُسأل جيل اليوم عما كانت تعمل
وأعتقد أن من كمال التجويد إذا أردنا أن نقرأ (ولا تقربوا الصلاة) أن لا نتوقف و نكمل الآية فليس هُنا وقف
ولا أظن إن نظرنا بعين الإنصاف الفاحصة اليوم سنجد أن هناك حزباً يواجه أخطاءه ويجلد ذاته بشجاعة و يُصوِّب أخطاءه كأحزاب الإسلاميين الذين ذكرتهم أستاذنا الكريم (ود التاي)
*غفر الله لي ولكم*
الأحد ١٣/أبريل/٢٠٢٥م