عبد الماجد عبد الحميد يكتب
• في طريق عودتي صباح أمس إلي ولاية القضارف والتي وصلتها مساءاً .. استرجعت شريط الإجراءات الإستثنائية التي كانت تمارسها الإنقاذ في سنواتها الأخيرة تجاه الصحفيين والإعلاميين .. إجراءات تبدأ بالتقييد والحظر والمنع والتوقيف غير القانوني ولا تنتهي بحجب الإعلان ومصادرة المطبوع من الصحيفة لتنفيذ عقوبات بأثر رجعي لاسند لها من القانون والأخلاق حيث لايتم تعويض الناشر عن خسائره في الطباعة والإعلان المنشور .. وهي ذات طريقة العقوبة التي مارسها ضدنا بنك السودان بموافقة الجهة التي حررت أوامر الضبط والإحضار من القضارف بعربة تتبع للبنك المركزي ثم تنتهي رحلتك إلي حيث تم إحضارك ولن تجد من يستمع لشكواك بأنه من العدالة أن تتم إعادتك من حيث تم القبض عليك !!
• إن كانت الإجراءات الإستثنائية تمنع الصحافة والصحافيين من ملاحقة ومتابعة مظاهر الخلل والفساد في الدولة وأجهزة الحكومة التنفيذية .. لو كان الأمر كذلك لتوقف الصحافيون والإعلاميين عن ملاحقة مظاهر التراخي في مفاصل الدولة والحزب .. ولأنّ من بيدهم قلم الأمر والنهي كانوا يرفضون النصيحة المرة فقد سقطت الإنقاذ سقوطاً مدويّاً لأن المنتفعين وأنصاف السياسيين ودوائر المصالح الضيقة أحكموا الإمساك بمداخل ومخارج الدائرة الضيقة حول كبار النافذين بالحزب والرئيس فكانوا يحسبون كل صيحة علي القيادة العليا حتي خرّت وتبيّن للجميع أن دابة الفساد المعنوي قبل المادي قد أكلت منسأة الإنقاذ التي كانت تتكئ عليها وتُهشُ بها ولها فيها مأربُ أُخري !!
• قلت لرفيق وصديق رحلة العودة إلي القضارف وهو أخ عزيز من أولئك الذين تصفو الحياة برفقتهم .. قلت له : إن الذين أسقطوا الإنقاذ تركوا محاسنها ونقاط قوتها وركبوا أسوأ تجاربها وأكثرها سواداً .. وليس سرّاً ولا غريباً إن قلنا إن الفساد الذي شهده السودان في عهد الثورة المصنوعة لم يسبق له مثيل .. والخوف كل الخوف أن يأتي يومٌ تقرأ فيه الأجيال علي صفحات التاريخ أن الفساد المعنوي والمادي والإداري والقانوني في فترة مابعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر لم يسبق له مثيل ..
• وحتي لا تقع هذه الواقعة فليس أمام كبار قادة الجيش في مجلس السيادة وكبار قادة جهاز المخابرات العامة وجهاز الإستخبارات ومن خلفهم المخلصون من أبناء هذا الوطن في مرافق ومؤسسات الدولة السودانية .. ليس أمام هؤلاء غير الوقوف بصلابة أمام موجة الفساد الناعم التي بدأت تزحف من تحت تضحيات ورماد معارك حرب الكرامة ..
• موجة الفساد الناعم هذه تستغل غياب المؤسسات التشريعية والرقابية وتنخر في عظم الدولة وتدعي أنها تعمل تحت إمرة ورعاية الجهات العليا في الدولة !!
• وحتي لايكون مانقول تضخيماً وتهويلاً .. نرجو أن تُولي الجهات السيادية والأمنية التي أشرنا إليها غاية العناية والرقابة لمظان ونوافذ ومخابئ أصحاب النفوس الضعيفة ..
• ومن جهة أخري يحتاج الصحفيون والإعلاميون إلي وقفة مراجعة لطريقة عملهم الحالية .. فهم أولاً بلا مؤسسة أو مظلة تحمي وترعي حقوقهم القانونية والأدبية .. لا كبير علي القانون .. ومن حق أي جهة تري أنها تضررت من النشر الصحفي أن تلجأ إلي القضاء ولكن دون تعسف في التنفيذ والتواطؤ مع جهات أخري منوط بها تنفيذ القانون نفسه !!
• إن حرب الكرامة التي يخوضها شعبنا وجيشنا ليست ضد مليشيات وعصابات التمرد في جبهات وميادين القتال وحدها .. إنها حرب ضد عصابات وجماعات ومجموعات تريد اختطاف الدولة السودانية وتؤسس لعهد جديد يقوم علي قهر المجاهرين بالنصيحة وإسكات من يقولون إن الملك عريان !!
• نصرٌ من الله .. وفتحٌ قريب ..