د. الفاتح يس يكتب: *إستئناف الدراسة في الجامعات بنظام الطالب الزائر والأستاذ المُعار*
*إستئناف الدراسة في الجامعات بنظام الطالب الزائر والأستاذ المُعار*
د. الفاتح يس
خلال الأربعة أعوام الأخيرة لم تستقر الدراسة وتوقفت الجامعات السودانية بسبب الظروف السياسية وجائحة كورونا، وأيضاً منذ ١٥ أبريل الماضي توقفت هذه الجامعات بسبب الحرب الدائرة في العاصمة الخرطوم وبعض الولايات.
أري من وجهة نظري المتواضعة إمكانية إستئناف الدراسة في الجامعات السودانية، وأن هنالك ضوء وبصيص أمل أن تستأنف الدراسة في كل الجامعات وجامعات الخرطوم العاصمة بصفة خاصة؛ بإتباع نظام الطالب الزائر ونظام الأستاذ المُعار ونظام التعليم الإلكتروني، وكما تعلمون نزوح أغلب سكان الخرطوم الي الولايات، وهذا يؤكد نزوح طلاب وأساتذة جامعات العاصمة الخرطوم الي الولايات، والميزة الحسن أن هذه الولايات لديها جامعات فيها مختلف الكليات والتخصصات الطبية والهندسية والادبية وغيرها، وربما تكون تُشابة وتُضاهي الجامعات الموجودة في العاصمة الخرطوم، وهنا تجدر الإشارة الي أنه يمكن الإستفادة القصوى من هذه الجامعات الولائية؛ لإستئناف تعليم الطلاب والطالبات الذين نزحوا من الخرطوم الي هذه الولايات؛ ولابد لنا أن نُغيِّر نظامنا الأكاديمي، وأن نَتَبِع نظام أكاديمي مرن ونستفيد إستفادة قصوي من التكنولوجيا ووسائل الإتصالات والتعليم الإلكتروني، ونعمل بنظام الطّالب الزّائر Non-Degree Visiting Student Programmes)، حيثُ يُمكن للطّالب أن يقوم بدراسة بعض المقرّرات في جامعة أخرى (وتُسمّى الجامعة المستضيفة host institution)، وهنا ستكون الجامعة الولائية التي يتواجد بها الطالب، وهي حتما غير الجامعة الأصلية التي كان يَدُرس بها الطالب في العاصمة.
يتم إعتماد (الطّالب الزّائر) بعد استيفاء شروط أكاديمية وإدارية محدّدة للقبول؛ مثل حصوله على موافقة جامعته او كليته الأصلية والكلّيّة المستضيفة في الولاية التي يتواجد فيها الطالب.
أما بالنسبة للمنهج او المقرّر الّذي يدرسه الطّالب في الجامعة المستضيفة؛ لابد أن يُكافي محتويات كورس (course content) جامعتة الأصلية الي حد معقول، والاختلاف في محتويات الكورس يُمكن أن تُعالج بالتنسيق بين أستاذ المادة في الجامعة الأصلية وأستاذ المادة في الجامعة المستضيفة؛ للتنسيق في محتويات وعدد الساعات المعتمدة (credithours) التي حددتها الجامعة الأصلية، وهنا يمكن أن يكون في حذف طفيف او إضافة في مفردات الكورس، بشرط أن لا تؤثر علي أهداف المقرر.
أيضاً هذه الولايات نزح إليها أساتذة جامعات العاصمة الخرطوم، وهنا يمكن الإستفادة القصوى من هؤلاء الأساتذة في الجامعة الولائية في التدريس النظري والعملي، وأن يعملوا بنظام الأستاذ المُعار، ونظام الأستاذ المُعار يتم بالتنسيق الأكاديمي والإداري بين الجامعة الأصلية والجامعة المستضيفة، وتتم الإعارة تحت إشراف وإدارة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويُستفاد من الأستاذ المُعار بجانب العملية التدريسية في تذليل الصعاب وحل مشكلات الطلاب الذين ينتمون الي جامعته الأصلية والجامعات الأخري، ويكون بمثابة منسق أكاديمي وإداري.
بعض الطّلّاب والأساتذة الآن موجودون في الولايات، ولو تمّ تطبيق برنامج الطّالب الزّائر والأستاذ المُعار؛ لإلتحق كلّ طالب وأستاذ بأقرب جامعة له كطالبٍ زائر وكأستاذ مُعار؛ لإستئناف الدراسة وبداية التّحصيل الأكاديميّ.
نظام الأستاذ المُعار لا يعني أن الجامعة المستضيفة تقع على عاتقها العملية التعليمية بأكملها، ولا يعفي أستاذ جامعات العاصمة من المسؤولية؛ إذ لابد له أن يُشارك أستاذ الجامعة الأصلية ويكون مسؤلاً عن كورساته، وممكن يعتمد على التعليم الإلكتروني بنسبة كبيرة في إرسال المحاضرات الي طلابه في الولايات والاستفادة من وسائل الإتصالات وبرامج الزووم والمحاضرات أون لاين وحتي قروبات الواتس يمكن الإستفادة منها، وينسق مع طلابة الزّائرين ومع الأستاذ الذي في نفس تخصصة الموجود في الجامعة المستضيفة.
اما بالنسبة إلى الدروس العملية والتطبيقية؛ فيمكن الإستفادة من ورش ومعامل الجامعة المستضيفة الولائية، وبديهي لن تستوعب هذه المعامل والورش هذا العدد الهائل من الطلاب؛ وهنا لابد من الإستفادة والإستدلال بالصور التوضيحية والقنوات التجريبية التعليمية والتحول الرقمي ونظم المحاكاة والمعامل الافتراضية والمعامل المرئية وغيرها، ولابد من أن إشراك الطالب الي حد ما في وضع محتويات المقرر، وتكليفه بأبحاث وسمنارات أونلاين، وهذا يطوّر الطالب من طالب مُتَلقِي للمعرفة ليصبح طالب باحث عن المعرفة، ويدخل الي منصات التعليم الإلكتروني مثل كوسيرا، ادارك، وغيرها، ويُقارن بين محتويات المقررات؛ حتي نغرز فيه روح التعليم الذاتي self learning.
ولابد أنّ نفهم جيداً أن الطّالب الزّائر لا يُعتبَر مُحوَّلًا إلى الجامعة المستضيفة، بل سيحصل في النهاية على شهادة التّخرّج من جامعته الأصلية.
نظام الطالب الزائر والأستاذ المُعار كلاهما يحتاج الي هواتف ذكية وشبكة إنترنت قوية، بالإضافة الي حضور الي الجامعة المستضيفة بعض المرات، وإذا نظرنا الي هذه الاحتياجات من ناحية اقتصادية؛ فنجد أنها ليست ذات تكلفة اقتصادية أكتر من التعليم الواقعي الذي يتطلب تكاليف الحضور الي الجامعة.
ومثلما طبقنا نظام الأستاذ المُعار؛ يمكن الإستفادة من كل العاملين في التعليم العالي والبحث العلمي؛ لتتم إعارتهم الي الجامعات الولائية.
الخلاصة أنه يمكن إستئناف الدراسة في جامعات العاصمة الخرطوم؛ بإتباع نظام الطّالب الزّائر ونظام الأستاذ المُعار والجامعة المستضيفة، والتعليم الإلكتروني، وهذه النظم ليست وليدة عهد في التعليم؛ وإنما هي جزء من مناهج التعليم عن بعد، وفائدتها انها تُسَهِل عملية التنسيق والتوأمة بين الجامعات السودانية، تحت ما يُسمي بالشراكات الذكية بين المؤسسات.
د. الفاتح يس
أستاذ جامعي في عدد من الجامعات السودانية.