هل يخطط البرهان لإحتكار السلطة في السودان بدعم دول إقليمية؟
تحدثت صحف غربية عن ان الحرب التي تدور رحاها الآن في العاصمة السودانية منذ 15 أبريل 2023 لم تكن وليدة أمس بل هي نتاج لأحداث عديدة سبقت هذا الصراع العسكري، ومرتبطة بالعودة إلى أحداث 2019، عندما بدأ التغيير في السودان بدعم ضباط اللجنة الامنية في مقدمتهم قائد الجيش الحالي عبد الفتاح البرهان بالتخطيط بإنهاء حكم البشير، وتم استغلال الوضع الهش الذي كانت البلاد تمر به آنذاك مع افتعال الأزمات تلو الأخرى ، وكانت طموحات الشعب السوداني هي تحقيق الديمقراطية التي لطالما حلم بها، ولكن المثل العليا للثورة وأحلام السودان الديمقراطي الجديد كانت ستارة غطت الخطط الحقيقية لخلافات المكون العسكري وقيادات الجيش، وبعد أن أجتثت الثورة البشير والبعض من القيادات العسكرية التي كانت تشكل عائقا في وجه البرهان على غرار صلاح قوش وعوض ابن عوف تصدر البرهان المشهد وبرز اسمه للسطح، وسرعان ما باشر في تعزيز مكانته في السلطة وبدأ في البحث عن تحالفات لتقوية وضعيته في السودان.
وتشير التقارير إلى أنه في هذا الصدد، بدأت مصر في لعب دور مهم في الساحة السياسية والعسكرية السودانية، ففي النصف الثاني من عام 2019، حاول البرهان تكوين علاقات مع القاهرة وإجراء اتصالات مع قادة النظام المصري بعد أن كانت العلاقات مع مصر متدهورة وغير جيدة في عهد البشير، الذي كان يعتبر مصر تهديدا مباشرا لسيادة السودان وحاول تجنب أي اتصال مع قادتها. وفي عام 2020، وبمبادرة من البرهان، بدأت الخرطوم والقاهرة في إعداد تحالف جعل حميدتي يتوجس من التقارب بين البرهان والسيسي وهو ما ظهر في حرصه على الاستيلاء على مطار مروي في بداية الحرب.
و في مارس 2021، كما لوحظ في نفس العام أن التواجد المصري في منطقة حلايب المتنازع عليها مع السودان قد زاد بشكل كبير، وكذلك الحال بالنسبة لباقي ولايات شرق السودان.
وهو ما تم تفسيره على أنه دعم مصري للبرهان وتثبيت مكانته في الحكم واحتكار السلطة في السودان.
وتتحدث التقارير الصحفية الغربية إلى ان بروز اسم جديد في الساحة السياسية والعسكرية السودانية بعد أحداث ثورة ديسمبر المجيدة وهو قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي ربما أعاق مخطط البرهان بشكل واضح وهو ما تفجر من خلاف في الاتفاق الاطاري وصل حد الحرب.
وظهر جميدتي في موقف الدعوة باستمرار إلى تسليم السلطة للسياسيين المدنيين، وإبقاء الجيش والدعم السريع خارج الإطار السياسي ودفعهم لتأدية دورهم الأساسي وهو حماية حدود السودان.
بدأ البرهان والمؤسسة العسكرية يضيقون درعا بتدخلات حميدتي وبمعارضته لمخططاتهم، لكن آنذاك لم يكن لديهم أي سبيل للإنتقال للصراع العسكري، فكان على الجيش تقديم العديد من التنازلات لكسب الوقت وتقوية وتعزيز مكانته تقنيًا وسياسيًا، وقد نجح هذا الأمر في أكتوبر 2021، عندما نفذ الجيش بقيادة البرهان انقلابًا على حكومة حمدوك. وتجدر الإشارة إلى أن حميدتي لم يكن راضيا ولم يشارك في الإنقلاب ولم يكن بتاتا على علم به، وظل على الهامش في تلك الأحداث محاولًا بكل الوسائل المتاحة نقل السلطة إلى المدنيين.
ولم يكن البرهان يسعى لتعزيز مكانته في السلطة فقط على المستوي المحلي، بل حتى تعدى إلى المستوي الإقليمي والدولي، فمنذ صيف عام 2022، سافر البرهان إلى مصر، ثم إلى لندن ونيويورك، حيث أجرى محادثات مهمة وسرية مع كبار السياسيين وضباط مخابرات الدول المذكورة، وكان موضوع النقاش هو تعزيز نفوذ دول الغرب في السودان والحفاظ على مصالحهم مقابل الاعتراف بالبرهان رئيساً للبلاد. وفي بداية عام 2023، التقى البرهان، على الرغم من استياء الشعب السوداني الشديد، بدبلوماسيين من إسرائيل، وبحسب مصادر سرية، ناقش معهم بجدية موضوع توقيع اتفاقية سرية لمنح تل أبيب معاملة الدولة الأولى للوصاية على السودان وفي المقابل طلب البرهان من القيادة الإسرائيلية مساعدته في توفير الأسلحة والمعلومات الإستخباراتية له.
لقد أصبحت رغبة البرهان في احتكار السلطة في السودان .
من المهم أن نفهم أن الأحداث التي تتسارع وقائعها في السودان اليوم هي صدام بين قوتين متعارضين تمامًا على مدى السنوات الأربع الماضية وهي قادة الجيش وعلى رأسهم البرهان الذي يحاول بسط سيطرته على الحكم وبين قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الذي يقول انه يحاول الدفاع عن حق الشعب السوداني في الديمقراطية وتقرير مصيره من خلال صناديق الإقتراع.