أعمدة

التاي يكتب: “الوطني”..ما بين تأثير الصدمة، وأحلام العودة

نبض للوطن

أحمد يوسف التاي

“الوطني”..ما بين تأثير الصدمة، وأحلام العودة

(1)

بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني في السودان تلبست منسوبيه حالة من الصدمة العنيفة استعصى عليهم الخروج من دائرة تأثيرها، وطبقاً لذلك إلتزموا الصمت، زمناً طويلاً في انتظار المجهول في غمرةٍ من الذهول، وفي انتظار العقاب والمحاسبة ،بينما انفضّ عنهم كثير من السُّمّار والنُدُماء والمتسلقين والنفعيين….

(2)

وبينما هم يرزحون تحت نير الصدمة وجبروتها وتأثيرها العنيف، وقعت عُدة أحداث أدت إلى استفاقت النظام المخلوع من صدمته العنيفة، فطفق يلتقط أنفاسه شيئا فشيئا وبالتدريج إلى أن بلغ مرحلة الطمع في استعادة السلطة وقد لعبت قوى الحراك الثوري دورا كبيراً في اغرائه بذلك بضعفها وتشتتها وكثرة خلافاتها وعدم خبرتها.

(3)

من أولى الأحداث التي ضخت الدم في شرايين النظام الساقط على الأرض والذي كان يعاني تأثير الصدمة العنيفة، (مجزرة فض الاعتصام)، وكأنها

جاءت كعلاج لامتصاص أو تخفيف الصدمة، لذلك كان حزب المؤتمر الوطني أول المستفيدين من المجزرة التي استعاد في خضمها قواه ونشاطه، فعادت نقاباته للعمل علنا واصطفت مع المجلس العسكري، وتداعت الإدارات الأهلية والنظار والعمد ومشايخ الطرق الصوفية ومنسوبو الحزب لتأييد المجلس العسكري وتفويضه للإنفراد بالسلطة الانتقالية وإقصاء قوى الحرية والتغيير وكل قوى الثورة..

(4)

ومن الأحداث التي مهدت لانقلاب البرهان على شركائه المدنيين ما اصطلح عليه (اعتصام الموز) والذي سبقه خلاف كبير بين قوى الثورة الحية والذي انقسمت على إثره إلى طوائف وتيارات بفعل الاستقطاب الحاد..كل تلك الأحداث انتهت بانقلاب اكتوبر الذي اوقف النظام المخلوع على قدميه، وأسنده بيديه ووضع على فمه معالق من ذهب،فيما تم إقصاء قوى الثورة..

(5)

في25 اكتوبر 2021 جاء الحدث الأكثر جلاء وهو إنقلاب البرهان على حكومة الثورة المدنية، وأودع قادتها المعتقلات ومن ثم أعاد المفصولين من منسوبي النظام المخلوع إلى الخدمة المدنية، وفك الحظر المضروب على اموالهم وممتلكاتهم، ونشاطهم السياسي..

(6)

ثم جاء أخيرا الحدث الأكبر والأسوأ في تأريخ السودان، وهو اجتياح الجنجويد للخرطوم ونهبها وتدمير بنيتها التحتية في الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع.. حيث وجد حزب المؤتمر الوطني الفرصة مواتية للإنخراط في صفوف الجيش وقاتل تحت مظلته للدفاع عن الخرطوم، وبذلك اقترب المؤتمر الوطني من( وهم) استعادة السلطة، عبر لواء الجيش المنعقد لحرب مليشيا الدعم السريع، وعبر المراحل التي سبقت الاشارة اليها عقب الإستفاقة من صدمة السقوط المدوي…

وعلى الرغم من تعدد تلك الأحداث وتدرجها إلا أنه يظل فشل قوى الحرية والتغيير وضعفها وهوانها هو العامل الحاسم في خروج المؤتمر الوطني من دائرة تأثير الصدمة وفتح شهيته للحكم مرة اخرى والطمع في استعادة السلطة عبر المراحل والأحداث التي سردتها في هذا المقال، لكن الواقع يقول أنها محاولات يائسة من تنظيم سقط في نفوس الناس قبل سقوط نظامه بما استشرى من فساد غير مسبوق في تأريخ السودان على مدى ثلاثة عقود من الزمان انتشر فيها الفساد الذي اصبح عنوان كل شيء…

….اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة اخيرة:

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى