خبر وتحليل.. عمار العركي : *في ظل حكم المشير ديبي: تشاد إلى أين؟*
في تلك اللحظة التي جلس فيها محمد إدريس ديبي، الشاب الذي ورث عباءة والده الراحل المشير إدريس ديبي، كانت تشاد كلها تُراقب. لم يكن الحفل الرسمي لترقيته إلى رتبة المشير مجرد مناسبة احتفالية، بل مشهدًا يلخص حال البلاد: بلد يقف على حافة المجهول، يبحث عن طريق واضح وسط ضباب من الفوضى والارتباك.
المشير الشاب، بزيه الجديد وكلماته التي حاولت أن تبدو قوية واثقة، بدا وكأنه يعيد إنتاج صورة والده: زعيم عسكري حازم، يحمل على كتفيه عبء وطن منهك. لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. فالأب، الذي حكم تشاد لما يقارب الثلاثة عقود، كان يعرف جيدًا كيف يمسك بخيوط اللعبة في الداخل والخارج، بينما الابن لا يزال يتعلم كيف يسير على ذلك الطريق الشائك.
الحاضر المضطرب
تشاد اليوم تبدو كأنها سفينة تبحر وسط عاصفة، لا القبطان يملك خبرة كافية، ولا الرياح تهب بما تشتهيه البلاد. الفوضى السياسية تزداد تعقيدًا، والحروب الداخلية والخارجية تستنزف موارد الدولة. المشير الشاب، رغم طموحه الظاهر، يواجه تحديات أكبر مما قد يتحمله زعيم جديد بلا خبرة كافية.
منذ أن تسلم ديبي الابن السلطة، تحاول تشاد أن تلتقط أنفاسها، لكن الحاضر لا يقدم أي إجابات مطمئنة. السياسات تبدو متخبطة، والرؤية غائبة، والتحديات أكبر من أي وقت مضى. في هذا المشهد المضطرب، يبقى السؤال: إلى أين تسير تشاد؟
ما بين الماضي والمستقبل
محمد إدريس ديبي يقف بين إرث والده الذي كان يحكم بقبضة من حديد، وبين مستقبل غامض يتطلب زعيمًا قادرًا على بناء جسور جديدة. الأب كان يعرف كيف يدير الأزمات ويثبت أركان حكمه، لكن الابن يبدو وكأنه يحاول تقليد والده دون أن يدرك أن الزمن تغير، وأن تشاد اليوم ليست تشاد الأمس.
تشاد التي يحاول ديبي الابن أن يبنيها تحتاج إلى أكثر من شعارات وخطابات. تحتاج إلى رؤية واضحة، وإصلاحات عميقة، وتحالفات جديدة تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار.
تشاد إلى أين؟
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة. هل ستستطيع تشاد، تحت حكم المشير الشاب، أن تنهض من جديد؟ أم أن البلاد ستظل عالقة في دوامة الفوضى والصراعات؟
الحاضر لا يقدم سوى إشارات متناقضة. هناك من يرى أن محمد إدريس ديبي يملك الطموح، لكن الطموح وحده لا يكفي. وهناك من يخشى أن يقود اندفاعه وتشوش سياساته البلاد إلى مستقبل أكثر اضطرابًا.
خلاصة القول ومنتهاه :
تشاد اليوم تقف عند مفترق طرق. مستقبلها يعتمد على قدرة قائدها الشاب على تجاوز إرث والده، وبناء دولة تتجاوز الأزمات وتعيد تعريف مصيرها. ولكن حتى ذلك الحين، يبقى السؤال “تشاد إلى أين؟” سؤالًا مفتوحًا، ينتظر إجابته في قادم الأيام.