صديق البادى: البرهان وحميدتى (13/4/2019م) والحرب اللعينة !!!
المحجوب السياسى الشامخ الشاعر والمهندس والقانونى الضليع أقام فى لندن عدة سنوات بعد اعتزاله ممارسة العمل السياسى وتركه للحكم بعد انقلاب مايو فى عام 1969م وكتب هناك كتابه الديمقراطية فى الميزان باللغة الانجليزية وترجمته للغة العربية ونشرته دار النهار البيروتية التى ترجمت للغة العربية ونشرت أيضاً كتاب عبدالناصر والعالم الذى كتبه الأستاذ محمد حسنين هيكل باللغة الانجليزية. وذكر المحجوب فى كتابه الديمقراطية فى الميزان ان أسوأ يوم هو اليوم الذى تم فيه اللقاء المعروف بلقاء السيدين فى النصف الثانى من عام 1956م وأدى لائتلاف فى الحكومه بين حزبين متشاكسين كانت بينهما خلافات كثيرة فى المسائل الداخلية والسياسات والعلاقات الخارجية وقد عانى من ذلك وهو وزير للخارجية فى تلك الحكومة وكانت الساحة السياسية بمكوناتها الحاكمة والمعارضة تضج وتعج بالخلافات والمؤامرات مما أدى لتسليم الحكم للعسكر وسقطت مرحلة الديمقراطية الأولى واعتبر المحجوب ان اليوم الذى التقى فيه السيدان كان أسوأ يوم ولكن ثبت بالدليل القاطع وأكدت الأيام والحقائق والمعلومات القاطعة والواقع الماثل حالياً ان أسوأ يوم فى تاريخ السودان الحديث هو يوم السبت الموافق الثالث عشر من شهر ابريل عام 2019م الذى ذهب فيه الفريق أول عبدالفتاح البرهان للخرطوم اتنين وقابل حميدتى واتفق معه لما كان بينهما من علاقة متينة سابقة وأشياء مشتركة وبموجب ذلك دانت السلطة لحميدتى واصبح نائب رئيس المجلس العسكرى واصبح بعد ذلك النائب الاول لرئيس مجلس السيادة .
والفريق البرهان عين باجماع واتفاق كافة العسكريين رئيساً للمجلس العسكرى الانتقالى بحكم التراتبية والأقدمية والخبرة العسكريه الطويلة وأختير خلفاً للفريق اول ابنعوف الذى أمضى فى رئاسة المجلس العسكرى الانتقالى يومين تقريباً واستقال استجابة لرغبة الثوار والمعتصمين الذى طالبوا بتنحيه وتنحى ايضاً الفريق أول دكتور كمال عبدالمعروف نائبه فى رئاسة المجلس العسكرى الانتقالى ولو استمر فى السلطة فى أى موقع قيادى فالمؤكد انه كان سينهى فوراً أى وجود لقوات الدعم السريع فى العاصمة مع تحديد مهام العاملين فيها واماكن تواجدهم خارج العاصمة وكان هذا هو رأيه عندما كان رئيساً لهيئة الأركان حرب وكل القادة العسكريين كانوا يتفقون معه فى ذلك . وكانت بين حميدتى وقوش منافسة حادة حول شغل موقع نائب رئيس المجلس العسكرى الانتقالى (الرجل الثانى فى الدولة) وحسمت المنافسة لصالح حميدتى الذى كان منتشياً فى تلك الأيام لأن عدداً من المعتصمين والمتظاهرين كانوا يهتفون (حميدتى الضكران الخوف الكيزان) ولم يفعلوا ذلك حباً فيه ورأيهم فيه وفى قواته كان ولا زال سيئاً وقالوا فيه ما لم يقله مالك فى الخمر بعد فض الاعتصام فى الثلاثين من شهر يونيو عام 2019م وبطريقته العفوية كان حميدتى يجاريهم ويردد بكل زهو وفخر انه تمرد على أوامر الرئيس السابق ولم يضرب الثوار والمعتصمين بالسلاح ويفض اعتصامهم بالقوة ولولا موقفه هذا على حد زعمه لاستمر حكم الطاغية لثلاثين عاماً أخرى على حد قوله ولك أن تضع عدة خطوط تحت كلمة طاغية التى وصف بها حميدتى ولى نعمته الذى مهد وسهل له بما كان يملكه من سلطات واوامر واجبة التنفيذ كل الوسائل والسبل للثراء العريض (امتلاك جبل كامل من الذهب و……و….و…..الخ) ويحتاج هذا لتفصيل دقيق . واصبح بالتسهيلات التى قدمها له الرئيس السابق يمتلك ثروة مالية قارونية اخطبوطية اسطورية وأضحى أغنى انسان فى السودان بل يقال انه أغنى انسان فى أفريقيا ومن كبار الأثرياء فى العالم. وكان عليه ان يلوذ بالصمت ويتحاشى الحديث عنه والاساءة اليه ومن سخرية القدر أن ولى نعمته أصبح فى يوم السبت الموافق الثالث عشر من شهر ابريل عام 2019م فى السجن حبيساً وأصبح هو فى القصر رئيساً (وكما تدين تدان).
وعندما جند وعين حميدتى فى حرس الحدود منح رتبة وكيل عريف على كتفه شريط واحد ولم يدرس بالكلية الحربية ولم ينل دراسات عليا فى أية اكاديمية عسكرية. وعندما كان فى الرابعة والاربعين من عمره فى عام 2019م كان فى رتبة فريق أول وكان أنداده فى العمر والسن من الضباط المؤهلين اكاديمياً وعسكرياً قد درسوا فى الكلية الحربية ونالوا دراسات عليا فى الأكاديميات العسكرية والاستراتيجية وجلهم كانوا فى رتبة عميد او فى رتبة عقيد. وعندما دخل القصر الجمهورى نائباً لرئيس مجلس السيادة الانتقالى وقبلها كان نائباً لرئيس المجلس العسكرى الانتقالى لم يمارس قبلها العمل الوظيفى المكتبى ولو ليوم واحد فى مؤسسات الدولة أو حتى فى القطاع الخاص لأنه لم ينل تعليماً نظامياً يذكر ومؤهلاته لا تؤهله لأكثر من ان يعين عامل (مع فائق الاحترام والتقدير لكل عمال السودان ودورهم مقدر ومحفوظ فى سجل العطاء الوطنى والمساهمة فى بناء السودان الحديث) ومنذ البداية مارس حميدتى عمله باعتداد فى نفسه وحماس واندفاع وكان يتعامل مع البروفسورات وكبار رجال الدولة والخدمة المدنية وكبار السياسين المتمرسين والدبلوماسين والخبراء فى كافة المجالات وكأنه ند لهم ولم يكتفى بالرمزية السيادية بل تخطاها للتدخل فى العمل التنفيذى وتمدد تمدداً اخطبوطياً فى السلطة وكان يقود المفاوضات ويمسك بأهم الملفات وكان هو رئيس اللجنة الاقتصادية العليا فى السودان ورئيس الوزراء السابق الذى قدم استقالته وخرج من السودان قدر عامين وتسعة اشهر كان نائباً لحميدتى فى تلك اللجنة. وكان حميدتى يتدخل كثيراً فى ملف سياسات وعلاقات السودان الخارجيه وكل موفد من الخارج من دولة أومنظمة إقليميه أو دوليه يقابل حميدتى الذى زار كثيراً من الدول فى الخارج واجرى محادثات مع المسؤولين فيها وكان يعقد مؤتمرات صحفية ويكثر من الادلاء بافاداته لاجهزة الاعلام المحلية والعالمية المرئية والمسموعة والمقروءة وكانت تسلط عليه اضواء اعلامية كثيفة وكان فى تمدده هذا يعتمد على ثروته الاسطورية وكان يغدق المال بسخاء وينفق انفاق من لا يخشى الفقر وعلى سبيل المثال فقد تبرع بآلاف العربات الفارهة والبكاسى آخر موديل واهدى اموالاً طائلة على هياكل خاوية وهمية لتكون ظهيراً سياسياً له ولم يحصد منها الا الريح. وتمعن فى لقطة تبثها احياناً قناة الجزيرة مباشر فى برنامجها اليومى عن السودان وانظر للطريقة التى كان يتم استقباله بها (رأيت الناس قد مالوا الى من عنده المال ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا) وبماله وسخائه حاول ان يخلق له شعبية ويضاف لذلك خطبه العفوية التى كانت تجد من يستمع لها باستمتاع من اجل الابتسام او الضحك والترويح عن النفس ومن طرائفه قوله وزير القراية ويقصد به وزير التربية والتعليم. والكثيرون كانوا يتبارون لتوجيه الدعوات له لاقامة الاحتفالات واللقاءات الجماهيرية لحميدتى او بالاحرى (لجيب حميدتى) ومهما يكن يجب الاعتراف بانه كان بدوياً لا يخلو من الذكاء والصفات القيادية الفطرية وكل هذا اصبح امراً عادياً لا يقف عنده الناس كثيراً ولكن الخطورة فى انه بأمواله اخذ يشترى ويخرب كثيراً من الذمم!!!
دع كل ذلك جانباً والأخطر من ذلك فقد ترك له الحبل على القارب منذ اليوم الاول ليفعل مايريد ويتصرف كما يشاء كقائد للدعم السريع واخذ يقوم بعمليات التجنيد والتسليح بلا رقيب أو حسيب ومنحت قواته مقار كانت دوراً حكومية ومنحت معسكرات والمجندون والعاملون فى الدعم السريع الذين كان حميدتى يغدق عيلهم المال بسخاء كانوا يدينون له بالولاء التام وقال قولته الشهيرة (الشلاق ما خلى عميان) ولن نغادر العاصمة وكبريات المدن لنعمل فى الخلاء . وعمل بمساندة القوى الاجنبية الخبيثه على اقامة جيش ضرار لجيش السودان الباسل المنتصر الراسخ الجذور وتم هذا فى ظل الفترة الانتقالية التى كان الوطن فيها شبه مستعمر ويتم التدخل فى وضع القوانين والمناهج وتسيير الاقتصاد وفق توجيهاتهم والخ. وابتدعوا بدعة جديدة لم يسبقهم عليها احد من قبل فى اى فترة انتقالية باعداد دستور دائم للسودان فى الخارج فى ظل فترة انتقالية يفترض ان تحكم بدستور انتقالى معدل…..الخ
والمهم بالنسبة لهم مضى المخطط الخبيث … الاطارى وماادراك ما الاطارى والاستعداد التام لعمليتهم الانقلابيه التى فشلت ولا يتسع الحيز للخوض فى كل التفاصيل المتعلقة بالحرب الاجرامية العبثية ولكن يهمنا الآن ان كفة الجيش الذى يسانده الشعب هى الراجحه ولكن فى الكفة الاخرى عمليات وحشية اجرامية لن تتوقف بسهولة ويدفع الشعب السودانى والمواطنين الابرياء ثمنها من قتل واعاقة وسرقات ونهب مسلح وانتهاك للعروض وتهجير قسرى للمواطنين من منازلهم ومدنهم وقراهم.
ونشاهد ونستمع الآن فى الفضائيات لبعض من يحضرون وهم فى قمة اناقتهم وتعلو وجوههم الابتسامات وكأنهم فى حفل عرس بينما الوطن كله فى حال مأتم حزين والمسألة ليست مباريات فى الملاسنات كأنهم فى ليلة مناظرات ولا تخلو ألفاظ بعضهم وهياجهم وطريقة كلامهم من عنتريات فارغة وجلافة وقلة أدب.( وهذا لا ينطبق على الجميع وهناك حلقات عديده أدارها الأستاذ أحمد طه والأستاذ مصطفى فى قناة الجزيرة مباشر فيها عمق وموضوعيه بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع المشاركين فيها ومن تلك الحلقات العميقة الجادة تلك الحلقة التي أدارها الأستاذ أحمد طه مع البروفيسور عبدالله على إبراهيم والبروفيسور أحمد إبراهيم أبو شوك والأستاذ فيصل محمد صالح).
والوضع المزرى فى السودان الآن يحتاج لمعالجات عاجلة لاتحتمل اى تأخير وتأجيل وفى الحلقة القادمة اقف عند مقترحات لحلول واقعية دون انسياق وراء الحماقات والعواطف الجامحة. والشعب السودانى والمواطنين الأبرياء هم الذين يعانون وتطأ ارجلهم على الجمر . وحميدتى الآن اصبح بلا حول ولا قوة فى ضيافة رئيس دولة الامارات وهو فى حقيقة أمره حبيس عنده ويأتمر بأمره ولا يتفوه بكلمة دون اخذ اذنه ونيل رضاه ولو عاد حميدتى لايام صفاه ومرت به نفحة من نفحات القرآن الكريم عندما كان يدرس بالخلوه واراد أن يعبرعن ألمه واساه وهو يشاهد فى الفضائيات ما يصيب الشعب السودانى والمواطنين الابرياء العزل من السلاح من جرائم بشعه وأراد أن ينادى بإيقافها لما سمح له بذلك ويريده مضيفه أو بالاحرى حابسه ان يقول ما يطلبه منه وأن يكون شاء او ابى رمزاً وهمياً لمقاتليهم لتستمر الحرب ويتواصل الدمار.
ولو عدنا للوراء ولو من عمل الشيطان وعين الفريق اول البرهان قبل خمسة اعوام وسبعة اشهر على سبيل المثال لا الحصر نائباً له هو الفريق اول الكباشى او الفريق اول العطا او الفريق اول مهندس جابر او (الجنرال او قل الاستاذ عقار) او حتى لو عين قوش فان اى واحد منهم لن يكون جيشاً يصبح جيش ضرار وعدواً لدوداً لجيش السودان الباسل المنتصر الضارب الجذور وتبعاً لذلك لن تندلع اى حرب كما يحدث الآن….. والفريق اول البرهان لا يعلم الغيب ولكنه الآن لو استقبل من امره ما استبدر لما ذهب لحميدتى فى الخرطوم اتنين وثبت الآن ان الحلف الذى تم بينهما هو الذى ادى في نهاية المطاف للوضع المزرى والحرب العبثيه الانتقاميه الاجرامية التى دفع ويدفع الشعب السودانى والمواطنين الابرياء ثمنها. وان يوم السبت الموافق الثالث عشر من ابريل عام 2019م هو بكل تأكيد اسوأ يوم فى تاريخ السودان الحديث.