وجه الحقيقة : إبراهيم شقلاوي : الأمم المتحدة تبدي تفهمًا للأوضاع في السودان
موازنات : الطيب المكابرابي : مرحبا ضحايا كيكل قبل الجنحوي
بالأمس، استحوذت الجلسة الخاصة حول السودان في مجلس الأمن على اهتمام كبير من السودانيين الذين كانوا يتوقون لمعرفة ما ستسفر عنه من تطورات التي جاءت في أعقاب توقعات متباينة بشأن صدور قرارات قاسية تجاه السودان، في ظل تصاعد النزاع الذي اندلعت شرارته نتيجة فشل مليشيا الدعم السريع في انقلابها المدعوم محليًا وإقليميًا للاستحواذ على السلطة في منتصف أبريل من العام الماضي .
انتهت جلسة مجلس الأمن بسحب المحور المناوئ للجيش والحكومة السودانية ، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وبعض الحلفاء الإقليميين، لمشروع القرار المتعلق بالبند السابع ، القاضي بإرسال قوات دولية للسودان ، وذلك قبل انطلاق الجلسة بعد أن هددت كل من روسيا والصين باستخدام حق النقض “الفيتو” . بموجب ذلك أُعلن عن تأجيل طرح مشروع القرار حتى أكتوبر 2025م، وهو ما عده المراقبون كافيًا لتبدل الأوضاع في السودان وربما حسم الحرب واستعادة الأمن والسلام ، بالنظر إلى العمليات الواسعة التي تشهدها محاور القتال والحصار المطبق على المليشيا الذي بدأ يعطي نتائجه .
جاء خطاب مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس الذي وجد اهتمامًا واسعًا ونقل عبر عدد من الفضائيات واضحًا في تأكيد الانتهاكات التي تقوم بها مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين . كما أوضح أن تدفق الدعم العسكري والمقاتلين إلى المليشيا من الساحل الأفريقي لا يزال مستمرًا ، وأن معبر أدري لم يتم الالتزام فيه بالشروط المقررة من قبل الحكومة السودانية ، حيث تحول إلى نقطة لدخول الإمدادات للمليشيا . ومن الواضح أن الدبلوماسية السودانية قد نجحت في إحراز تقدم كبير ، إلى جانب اللقاءات التي عقدها الرئيس عبد الفتاح البرهان خلال الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة ، بالإضافة إلى تفاهمات مع عدد من الأطراف الدولية والإقليمية، التي بدأت تؤتي ثمارها .
إذ بدأ واضحًا أن الأمم المتحدة أصبحت أكثر تفهمًا ، أو ربما مجبرة أخلاقيًا لإعادة تقييم الوضع في السودان . حيث تجلى ذلك في حديث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال إن الظروف غير مواتية لإرسال قوات دولية، ومن الأنسب اتباع مزيد من الوسائل الدبلوماسية مع اتخاذ تدابير لحماية المدنيين. كما أكد دعم مجلس الأمن لحماية المدنيين في البلاد ، ودعا إلى تنفيذ التزامات الطرفين في إعلان جدة، كذلك أدان بصورة مبطنة الهجمات التي تشنها «قوات الدعم السريع» على المدنيين في مدينة الفاشر بإقليم دارفور والجزيرة .
من الملاحظ أيضا أن منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل قد دخل على خط التهدئة مؤكدًا على ضرورة وقف المجازر ضد المدنيين ومحاسبة الجناة ، مشيرًا إلى أن العمل سيتواصل لتحقيق العدالة في البلاد . هذا بالإضافة إلى الزيارة المهمة أمس للدكتورة (سيندي ماكين) المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التي جاءت لبحث إقامة قاعدة لوجستية لتقديم العون الإنساني للسودان .
كما عبّرت أيضًا كليمنتاين نكويتا سلامي المنسقة الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، عن صدمتها واستيائها من تكرار انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها دارفور وولاية الجزيرة ، مثل الاغتصاب والهجمات المباشرة والعنف الجنسي وعمليات القتل الجماعي . هذه الإشارات التي تحمل إدانة لمليشيا الدعم السريع ، بجانب هذا الاهتمام الإيجابي تجاه السودان يدفع تجاه قراءة جديدة لمجريات الحرب والأحداث في السودان ، ويعزز فرضية أن هناك قناعات جديدة بدأت تتشكل وربما تفاهمات مع أطراف إقليمية و دولية ، إذ أن إدانة انتهاكات مليشيا الدعم السريع والتضامن والتعاون الدولي مع السودان يشكل دفعًا إيجابيًا لموقف السودان .
عليه فإن وجه الحقيقة يؤكد أن هناك ملامح موقف جديد تجاه بلادنا ، ربما يكون أقرب للضوء الأخضر للمضي في حسم الحرب واستعادة الأمن والسلام للسودانيين . لذلك يجب أن نتحد جميعًا من أجل حماية حقوق الإنسان ومواجهة جميع أشكال الانتهاكات . كما يجب العمل على عزل جميع الداعمين للمليشيا إعلاميًا وسياسيًا بعد أن فُتح لهم الباب واسعًا لاتخاذ ما يؤكد مزاعمهم الداعية لحماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان . فإن المرحلة لا تقبل المواقف الرمادية تجاه الانتهاكات الوحشية التي ظلت تقوم بها المليشيا في قرى الجزيرة ودارفور وولاية الخرطوم عبر القصف العشوائي للمواطنين