أعمدة

صديق البادى: يتولى العلماء والخبراء والعقلاء والحكماء مقاليد الأمور؟

لقد عانى الوطن وعانى الشعب السودانى كله من أسوأ حرب وأكثرها لؤماً وقذارة وانحطاطاً وسفالة فى تاريخ الانسانية ولم يشهد السودان مثيلاً لها منذ الأزل ويدرك تفاصيل ما جرى فيها من جرائم وحشية بشعة حتى الأطفال الصغار وهى جرائم تفوق ما يعرض فى أفلام الرعب. وهى حرب ضد المواطنين الأبرياء العزل من السلاح وقد فعل فيهم المجرمون ما لم يفعله النجار فى الخشب وهى حرب ضد هوية الأمة وموروثاتها وقيمها وأصالتها وضد نسيجها الاجتماعى ليتمزق ويهترئ. وضد الدولة السودانية لتضعف وتتمزق وتنهار بنيتها التحتية ومؤسساتها ومرتكزاتها .. وكان رأى القحاتة سيئاً للغاية فى الدعم السريع وقائد الدعم السريع الذى كانوا يسخرون منه ويستهزئون به وكل تصريحاتهم وألفاظهم موثقة وكان رأى الاجانب والخواجات اكثر سوءً فى الدعم السريع ولكن فى انتهازية اراد هؤلاء واولئك ان يتخذوا من قوات الدعم السريع مطية يركبون على ظهرها وييستغلونها لتحقيق اهدافهم وخدعوا قائد الدعم السريع بأنه هو عراب وراعى الاطارى والاطاريين وانه هوحامى الحمى الديمقراطية فى السودان وانه قائد الركب وحادى المسيرة ورئيس السودان بعد نجاح عملية التغيير. واستغلوا هوان وضعف الفترة الانتقالية بهرجها ومرجها وصخبها والسيطرة الاجنبية والمراهقة السياسية وفى كل تلك الغيبوبة وعدم الانتباهة ترك الحبل على القارب لقوات الدعم السريع للتنجيد والتسليح و………..الخ وتضخمت تضخماً اخطبوطياً .

وتم التخطيط للحرب بدقة ورصدت لها أموال ضخمة وميزانية مفتوحة برعاية وتمويل واشراف وتنفيذ دولى واقليمى مع الاستعانة بالاصابع والادوات الداخلية وتم توفير الوقود والمواد الغذائية الجاهزة اضافة لما يعد من طعام وتوفير كل المعينات وتجنيد اعداد كبيرة من المشاة المسلحين وجلب اعداد ضخمة من المرتزقة من القتلة واللصوص والمجرمين من عدد من دول الجوار الافريقى. وكان المخططون والممولون والمنفذون يحسبون ان القيام بعملية التغيير الانقلابية ستنجح فور الهجوم على القيادة العامة للقوات المسلحة وقتل القائد العام ورئيس مجلس السيادة وقتل او اعتقال اعضاء مجلس السيادة الآخرين الممثلين للمكون العسكرى وحدث ما حدث ولم ينجح مخططهم وبعد هجومهم على القيادة العامة اخذ الطيران الحربى يهاجم معسكراتهم ومقار تواجدهم ومنها المدينة الرياضية ( والبادى أظلم ) واشتعلت الحرب منذ ثمانية عشر شهراً ولا زالت مشتعلة والغريب انهم اخذوا يرددون ان الحرب بدأها من يطلقون عليهم الكيزان والفلول وظلوا مهووسين بفذاعه وهمية اسمها الفلول … والمؤكد ان انقلابهم لو نجح فان خلافات حادة وصراعات شرسة ستحدث بين قيادة الدعم السريع من جهة وبين القحاته او الاطاريين من جهة اخرى حول كيفية وضع السياسات الداخلية وتسيير دفة الحكم والعلاقات الخارجية وقائد الدعم السريع استناداً على قوته المالية الاسطورية وقواته يريد ان يكون هو الحاكم المطلق ولن يسمح لهم بأن ( يتفلسفوا ) عليه واذا اشتدت الخلافات بينهم فانه لن يعتقلهم ويحولهم لسجن كوبر اوغيره ولكنه عن طريق قناصيه ومقاتليه سيحولهم بالسلاح وبدم بارد للمقابر دون ان يرمش له او لمن معه طرف . والآن يوجد في الساحة من يطلقون على انفسهم صفة القوة المدنية. وكل الشعب السودانى المكون من أكثر من اربعين نسمة هم جميعاً باستثناء العسكريين يعتبرون فعلاً لا قولاً قوة مدنية ولا يحق لفرد او تنظیم احتكار المدنية والوصاية بإسمها على الشعب. ومن ينتمون لتنظيم تقدم احرار وليست هناك وصاية عليهم وبذات القدر فإنهم ليسوا اوصياء على الشعب لانهم لا يستندون على وثيقة دستورية ولم يوقعوا عليها فى شهر اغسطس عام ٢٠١٩م ووقع عليها غيرهم ومدة سريان الوثيقة الدستوريه تسعه وثلاثين شهراً وقد انتهت صلاحيتها في شهر نوفمبر عام 2022م قبل عامين و تبعاً لذلك ليس لتنظيم تقدم ای سند دستوری سابق اولاحق وهو غير مفوض من الشعب عن طريق صناديق الاقتراع ولكنه يمكن ان يتحدث باسم من ينتمون اليه فقط إذا كان له فعلاً عضوية فيها اسماء وسجل امام كل اسم رقمه الوطنى أو اية وثيقة ثبوتية اخرى . ويحق للآخرين ان ارادوا تشكيل تنظيمات اخرى مماثلة منها على سبيل المثال لا الحصر تنظيم المستقلين الاحرار ( والاستقلالية لا تعنى الحياد السلبي كل شأن يمس العقيدة اوالوطن). و بعض الذين يعلنون انهم يتحدثون باسم القوى المدنية يكثرون الحدیث عن ضرورة عقد مؤتمر جامع شامل لكل الوان الطيف السياسي للوقوف على جذور الازمة السياسية في السودان وايجاد حلول لها. وفى أخريات العهد السابق وبعد ما يسمى خطاب الوثبة عقد مؤتمر استمر لاكثر عام شارك فيه ممثلون من كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعى والثقافى والرياضى. وكونت لجان فنية من مختصين فى كافة المجالات والتخصصات وبحثوا وناقشوا باستفاضه وسلخوا جلد النملة في كل قضية ومسألة واستخلصوا النتائج ووضعوا الحلول وصرفت اموال طائلة وخصصت ميزانية ضخمة وعينت امانة عامة وموظفين متفرغين انتتدبوا من وزارات عديدة في فترة انعقاد المؤتمر وطبعت وجمعت المداولات والتوصيات والنتائج والحلول فى عدة مجلدات وأَقيم احتفال كبير نقلته كافة الفضائيات والاذاعات والصحف والميديا وسلمت تلك المجلدات لرئيس الجمهورية ولكافة المؤُسسات والاجهزة المختصة وأهملت ووضعت على الرف بعد ذلك وظلت حبيسة الادراج والاضابير. وكوفئ كل من شارك فى عضوية المؤتمر وعين عدد منهم وزراء فى الحكومة الاتحادية التى بلغ عدد الوزراء فيها ستة وسبعين وزيراً !! وعین عدد منهم وزراء فى الحكومات الولائية وعين ستين عضواً بالمجلس الوطنى وعين العشرات في المجالس التشريعية الولائية وعين آخرون خبراء وطنيون فى وظائف تشريفيه اما الذين فاتهم التعيين لأن عدد المؤتمرين كان كبيراً فقد منح بعضهم عربات او هبات مالية ( من مال الدوله السائب الهامل ) . والذين يكثرون الحدیث الآن عن جذور الازمة السياسية السودانية عليهم ان يرجعوا لتلك المجلدات وسيجدوا بغيتهم فيها ولا داعى لتصديع الرؤوس بمؤتمر آخر ومحاضر و مداولات المؤتمر السابق ونتائجه تكفى وتزيد .

 ومرحلة ما بعد الحرب تقتضى ، فتح صفحة جديدة واقامة فترة انتقالية جديدة تجب ما قبلها وتصحح أخطاءها ويكون قوامها رجال دولة من الطراز الأول من الخبراء والتكنقراط والشخصيات الوطنية القوية. وهذا موضوع يحتاج لتفصيل أكثر. وقد شبع الشعب حتى التخمه من التهريج السياسى وآن الأوان أن يتصدر المسيرة الخبراء والعلماء وأهل الاختصاص .

وإن الشعب بكل ملله ونحله والوان طيفه قد تضرروا هذه الحرب العبثيه الأجرامية الانتقامية

ولسان حالهم ومقالهم يردد أما لليل هذه الحرب من آخر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى