أعمدة

د. الفاتح يس: *أكتوبر الوردي يتحدى سرطان الثدي*

د. الفاتح يس

alfatihyassen@gmail.com

في سياق هذه الحرب البائسة وكل ما تصاحبه من الأمور السلبية والمحرمة، جاء أكتوبر الوردي مكرَّسًا للوقاية من سرطان الثدي بتنظيم الحملات والورش التعليمية والتثقيفية والمحاضرات والندوات، وذلك بهدف تعزيز مستوى الوعي لدى النساء حيال هذا المرض، حفظ الله بلادنا من كل شر ومرض.

تتعدد أسباب مرض السرطان بحسب ما ذكره الأطباء، لهذا تعد ثقافة الكشف المبكر لسرطان الثدي حيوية، وعلينا تبنيها ونشرها في جميع أنحاء السودان، خاصة في مخيمات النازحين، نظراً لبساطتها وفعاليتها الكبيرة في الكشف المبكر، مما يوفر الكثير من الجهد والوقت والمال في القضاء على المرض في مراحله الأولى، ومن الضروري تدريب الفتيات والنساء وتدريبهن على معرفته وعلاماته وكيفية التعرف عليه، ولا بأس من إشراك طلاب وطالبات المرحلة النهائية في الكليات الطبية.

مع التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم، يجب تحويل سياساتنا الصحية في السودان من الطب العلاجي التقليدي والمكلف إلى الطب الوقائي الحديث والأقل تكلفة (الوقاية خير من العلاج)، وهذا يتطلب علاج مسببات الأمراض قبل ظهورها، من خلال وضع ضوابط وقوانين تحسن من بيئتنا الصحية والإدارية في المؤسسات والمنازل والجامعات والمدارس والأسواق والشوارع وكل الأماكن.

فيما يتعلق بقانون العمل، يجب تعديل قانون العمل السوداني لعام 1997 بوضع لوائح تراعي الطقس الحار في السودان الذي قد يؤثر سلباً على طبيعة المرأة العاملة وأنوثتها وتركيبتها الفسيولوجية، سواء كانت متزوجة أو أماً أو غير متزوجة، بما يضمن أداءها لوظيفتها ودورها كأم (الرضاعة الطبيعية الكافية) دون أن يتأثر صحتها وهرموناتها، ويسهل عليها أداء عملها.

في الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس يجب توفير بيئة صحية مثالية من خلال توفير عدد من المرافق الصحية النظيفة (حمامات، إستراحات، مركز صحي)، ولا بد من تثقيف التلميذات والطالبات حول طبيعة تركيبتهن الفسيولوجية والنظام الغذائي المناسب، ويفضل تواجد أخصائيات في مجالات الأورام والغدد والأشعة والطب النووي والأمراض الجلدية والتناسلية والنساء، للزيارة والتوعية الدورية بالفرق بين الهرمونات الأنثوية المنتظمة والمختلة التي تستدعي العلاج، ومن الضروري تغيير العقلية المجتمعية لقبول المتابعة الصحية الدورية للفتيات بواسطة أخصائيات في الأمراض الجلدية والتناسلية والنساء والولادة، وعدم حصر الذهاب إليهن بعد الزواج فقط، هذا لن يساعد فقط على الوقاية من سرطان الثدي، بل يسهم أيضاً في الوقاية من أمراض النساء والولادة وتأخير الإنجاب والعقم والسرطانات، والعديد من القضايا التي تنتج عن اختلال الهرمونات.

ختاماً، المجتمع، الذي يشمل الأخ والزوج والأب والعم والخال والجار والزميل، يجب أن يعي تماماً طبيعة احتياجات المرأة الفسيولوجية، ويجب أن يوفر لها كافة مستلزماتها النسوية الخاصة باعتبارها جزءاً مهماً من هذا المجتمع.

د. الفاتح يس

أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والاستدامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى