ما وراء الخبر.. محمد وداعة: القوى السياسية .. اختلافات و حوارات
*ازدياد وتيرة الاستقالات و الانقسامات داخل القوى السياسية*
*الموقف من الحرب كان قاسمآ مشتركآ فى كل اختلافات و خلافات القوى السياسية*
*غالبية الانقسامات حدثت فى جبهة ( لا للحرب ) داخل تقدم و خارجها*
*خارج (تقدم ) ، و فى الحزب الشيوعى ظهرت اختلافات عميقة تم التصدى لها بالبيانات و البيانات المضادة*
*القوى السياسية السودانية مطالبة بادراة حوار داخلى لتحديد موقف من الحرب يعبر عن المؤسسات الحزبية*
الحرب قضت (على الاخضر و اليابس ) ، تعبير متداول لاختصار ما خلفته الحرب من دمار و تخريب و قتل و تهجير للمواطنين و سلب و نهب ممتلكاتهم و احتلال بيوتهم ، و مع التغييرات الضخمة التى حدثت فى طريقة حياة السودانيين ، و اظهارهم لقدر هائل من الصبر و الشجاعة فى مواجهة ما حدث ، الا ان اعتبار القوى السياسية السودانية بالحرب و آثارها الكارثية كان ضئيلآ،و فشلت بعض هذه القوى فى اظها قدر من الاحترام لمشاعر و احزان الشعب السودانى تحت لافتات باهتة مثل (لا للحرب) ، دون ان تقدم اى مساهمة ملموسة فى تخفيف ويلات الحرب على الاقل نظريآ ، ومن الواضح ان بعض قيادات القوى السياسية قد تشابه عليها البقر ، و تعيش ازمة فى طريقة اتخاذ القرار ، فلم تستطع ان تحدد موقفها بصورة واضحة من الانتهاكات و الجرائم التى ترتكبها مليشيا الدعم السريع تجاه المدنيين و تجاه مرافق الدولة و الاعيان المدنية بحجة ان الجيش ارتكب ايضآ انتهاكات ، و لذلك ظلت النظرة قاصرة عن رؤية تأثير هذه الحرب على بنية الدولة السودانية و مستقبلها ، و على التكوينات المجتمعية و فرص التعايش السلمى و رتق النسيج الاجتماعى ، و ربما بعض القيادات اختطفت و صادرات قرار المؤسسات الحزبية و تتصرف منفردة ،
اختلافات و خلافات عميقة ضربت القوى السياسية السودانية منذ بدء حرب 15 ابريل 2023م ، انشقاقات و استقالات ، و صراعات كانت مكتومة فى البداية وضاقت عليها مواعين ادراة الحوار الداخلى المنعدمة فظهرت للعلن ، و كان الموقف من الحرب قاسمآ مشتركآ فى كل هذه الاختلافات ، قيادات ترى ان هذه الحرب تمثل تحديآ وجوديآ لبقاء الدولة السودانية و ترى ان واجب القوى السياسية هو الوقوف الى جانب بقاء مؤسسات الدولة و مساندة الجيش السودانى و دعمه فى القيام بواجبه الدستورى فى حماية البلاد و شعبها ، و قيادات أخرى لا تزال ( تزعم ) ، ان الحرب بين (جنرالين) ، و انها تقف على الحياد و ترفع شعار ( لا للحرب ) ، بينما موقفها الخفى هو الوقوف الى جانب المليشيا ، و تبرر هذه القيادات موقفها بان الحرب من اجل تنفيذ الاتفاق الاطارى و استعادة التحول الديمقراطى ، و يلاحظ ان اغلب هذه الانقسامات الداخلية حدثت فى جبهة ( لا للحرب ) ، و تحديدآ فى القوى التى تنضوى تحت لافتة تقدم ، المؤتمر السودانى انقسم و خرجت منه قيادات اسست حزب التيار الوطنى ، التجمع الاتحادى استقالات و خرج منه التجمع الاتحادى التيار الوطنى ، حزب الامة يحاول التمسك بشرعية المؤسسات و يقاوم ارهاصات الانقسام بمحددات زمنية ربما يكون اجتماع المكتب السياسى آخر فرصة لتفادى الانقسام ،
خارج (تقدم ) ، و فى الحزب الشيوعى ظهرت اختلافات عميقة تم التصدى لها بالبيانات و البيانات المضادة ،كما حدث فى بيان الجبهة الديمقراطية ( جامعة الخرطوم ) ، و فى استقالات علنية من قيادات تاريخية ، و كان موضوع الموقف من الحرب هو السبب الرئيسى للخلافات التى تم التعامل معها ببرود وصف الخارجين بانهم يبررون فشلهم فى استكمال مسيرة النضال بهذه الاستقالات ،
الحرب افرزت اوضاعآ استثنائية على القوى السياسية ، و كان موضوع الموقف من الحرب اكبر الضواغط على طريقة اتخاذ القرار او الموقف السياسى ، و القى بظلاله على قدرة هذه القوى على قراءة مآلات الحرب الاستراتيجية ، فانشغلت و غرقت فى تفاصيل افرازات الحرب ، القوى السياسية السودانية مطالبة بادراة حوار داخلى لتحديد موقف من الحرب يعبر عن المؤسسات الحزبية ، لا موقف تقوده بعض القيادات ذات الارتباط بأجندة شخصية ، او الارتهان لالتزامات خارجية ،
نقول ان الحوار السودانى – السودانى و عقد المؤتمر الدستورى يمثل فرصة تاريخية للقوى السياسية ليس لحل مشاكل و تعقيدات العملية السياسية فحسب ، بل لحل الاختلافات الداخلية فى هذه القوى نفسها ،
8 اكتوبر 2024م