عبد الماجد عبد الحميد يكتب
• غيّب الموت في الساعات الأولي من صباح امس السبت بالقاهرة الأستاذ الكاتب الصحفي الفاتح جبرا (68) عاماً .. أمام جلال الموت ومهابته يتوقف تدبير وتفكير الإنسان الذي لايملك إلا تفويض الأمر لله سبحانه وتعالي العليم الخبير .. الحكيم القدير ..
• برحيل الفاتح جبرا تنطوي صفحة من صفحات التداخل بين الإعلامي والسياسي .. بين الإثارة والحقيقة .. الصحيح والخطأ وبين العظة والعبرة ..
• من الدروس التي تركها الفاتح جبرا لناشئة الصحافة وبعض عواجيزها أن يبقي الصحفي حاضراً في المشهد السياسي وإن كان علي خلاف مع الحاكمين والمتنفذين .. فبرغم انتقاده اللاذع لتجربة الإسلاميين وتجنيه المستمر عليهم وعدم الموضوعية التي كانت تصبغ الكثير من مقالاته وأعمدته الصحفية إلا أن الفاتح جبرا كان علي تواصل مع مؤسسات الإنقاذ السياسية والأمنية والإجتماعية وظل يشكل حضوراً مستمراً في المنتديات والملتقيات العامة وكان يجاهر برأيه ..
• المدهش في تجربة الإنقاذيين مع الإعلام والصحافيين أنهم ظلوا يحتملون الرأي المخالف في أحايين كثيرة وتجربة الأنقاذ مع حرية الصحافة لم تكن مثالية قطعاً لكنها عند المقارنة مع الحريات الصحفية في عهد الثورة المصنوعة نجد أن تجربة الإنقاذ متقدمة بسنوات ضوئية .. فالذين حملوا شعار الحرية والتغيير وكانوا كوادر معروفة في أحزابهم العقائدية والطائفية فشلوا فشلاً ذريعاً في إمتحان الحريات حيث منعوا مخالفيهم الرأي من الظهور عبر شاشات القنوات المحلية والعالمية وأبعدوهم بقوائم محددة من المشاركة حتي في إذاعات الإف إم علي بؤسها !!
• كنت أتعجب كثيراً لماذا ظلّت كل أجهزة الأمن والسياسة وقبلها أجهزة العدالة في عهد الإنقاذ صامتة وتتجاهل كسرات الفاتح جبرا حول قضية خط هيثرو والتي ثبت عبر جلسات محاكمة طويلة ومفتوحة للإعلام والصحافة أيام حكومة حمدوك أنها إتهامات باطلة وغير صحيحة ولا مكان لها من الإعراب .. أثبت القضاء السوداني أن قضية خط هيثرو كانت فقاعة إعلامية لم تجد من يتعامل معها بطريقة مباشرة وواضحة حتي لا تطول (واوات) الفاتح جبرا وكسراته التي طالت وإنتهت إلي لاشئ مما يؤكد صحة ماذهب إليه الصحفي المتميز مدثر رضا والذي كتب اليوم معلقاً : ( إتهامات الفساد التي أطلقت ضد الإنقاذ ما كان لها أن تكون ذات قيمة لو أعملت الإنقاذ آلية القانون وتركت العدالة تأخذ مجراها .. ولو حدث ذلك لوجد مروجوها أنفسَهم في موقفٍ لايُحسدون عليه .. لكنهم استغلوا لامبالاة و( صناجة) بعض المتنفذين واستقواءهم بالسلطة فصنعوا لأنفسهم قصصاً بطولية وكانت بضاعتهم الرابحة ..قضية خط هيثرو نموذجاً ) ..
• والحق ما قال مدثر رضا .. فقد دفع المخلصون لتجربة الإنقاذ لامبالاة وصناجة بعض المتنفذين في السلطة حتي خرّ السقف علي رؤوس الجميع !!
• وداعاً الفاتح جبرا ..
• وكفي بالموت واعظاً