إقتصاديون: أسعار السلع باتت خارج متناول المواطنين
قال محللون اقتصاديون وعمال إنسانيون، إن موجة جديدة من الأسعار طرأت على السلع الاستهلاكية مع اشتداد الصراع المسلح في السودان، وتأثرت المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيا من التدهور الاقتصادي.
من مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان يعكس المواطن فتح الرحمن الوضع الاقتصادي ويقول إن أسعار السلع باتت خارج متناول المواطنين، مع تراجع الآمال بشأن الانفراج النسبي عقب وصول قوافل تجارية الأسبوع الماضي.وكان متطوعون أطلقوا منصة لرصد الوضع الإنساني في مدينة الأبيض الواقعة على بعد حوالي (400) كيلو مترًا غربي العاصمة الخرطوم، وتتعرض طرقها البرية إلى حصار من مليشيا الدعم السريع. وخاضت القوات المسلحة المكونة من الاحتياطي المركزي والجيش معارك عنيفة ضد قوات الدعم السريع غربي مدينة الأبيض، حيث تحاول قوات حميدتي إبقاء الجيش محاصرًا حتى لا ينتقل لشن هجمات في مناطق أخرى.
أما في مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض، والتي تسيطر عليها القوات المسلحة والواقعة على الضفة الغربية للنيل، فإن سعر جالون البنزين وصل في السوق الموازي إلى (110) ألف جنيه وفق ما نقل معاوية من سكان المدينة. ويرى معاوية أن أسعار الوقود تعكس الوضع المعيشي والاقتصادي في الولاية التي عانت من آثار النزوح والحرب، وقال إن الوضع الإنساني بلغ مرحلة حرجة ولا يمكن إجراء معالجات دون توقف الحرب وتدخل إنساني يسمح بالمساعدات العاجلة واستئناف الحياة العامة والأسواق. وفي مدينة كسلا شرق البلاد لا تجلب (100) ألف جنيه، أي ما يعادل (30) دولارًا أميركيًا سوى أسطوانة غاز زنة خمسة كيلو غرام، بقيمة (40) ألف جنيه وبعض لترات من زيت الطعام، بينما يبلغ متوسط الأجور الشهرية في القطاع العام (120) ألف جنيه.
وكان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم أشار إلى تحسن طفيف على الإيرادات العامة بسبب توسع الضرائب أفقيًا، دون التعليق عما إذا كانت الإيرادات العامة قد تخطت 50% من نشاطها قبل الحرب.
وشن جبريل إبراهيم هجومًا على الحكومة الانتقالية خلال فترة عبدالله حمدوك، وقال إنها أغلقت الباب أمام الصين.فيما يتوقع الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم ما أسماها بـ”الانتكاسة الجديدة” في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازي، وقال إن السوق يستعد لمضاربات جديدة مع رغبة الحكومة في شراء المعدات العسكرية والعتاد لبداية جولة جديدة من المعارك الحربية، بالتالي انخفاض الصرف على الخدمات الأساسية وبند الأجور في القطاع العام.
ويقول إبراهيم إن الحديث عن ارتفاع الإيرادات العامة غير منطقي، لأن المصدر الأساسي لتمويل الضرائب هي الأسواق، وأصبحت مشلولة بسبب الحرب وتراجع القوة الشرائية، وأثرت الفيضانات في المناطق الآمنة ونصف مساحتها زراعية منتجة على الوضع الاقتصادي والغذائي، بالتالي زاد عدد المتأثرين الإنسانيين، كل هذه العوامل لا تدعو إلى التفاؤل الذي أظهرته وزارة المالية. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن السلع المستوردة تخضع لضرائب حكومية باهظة جدًا لسد العجز في بنود تمويل المؤسسات الحكومية، خاصة القطاعات السيادية مثل مجلس السيادة وزارة الخارجية والداخلية والقوات المسلحة. وأردف: “بسبب الضرائب الحكومية على السلع المستوردة عجز المواطنون في شرائها من الأسواق، وخرجت قطاعات اجتماعية من دورة التداول أي شراء السلع مقابل المال، لأنهم ببساطة لا يملكون النقود، وفي ذات الوقت لا يمكن شراء كمية صغيرة من دقيق القمح بسعر (50) ألف جنيه، بالتالي سترتد الضرائب إلى المالية من خلال تراجع حركة الاستيراد”.