صديق البادى: درسان للسودان من الرئيسين عبدالناصر والسادات
الرئيس المصرى جمال عبدالناصر التقى لأول مرة برئيس الوزراء الصينى شوان لاى في مؤتمر رؤساء دول عدم الانحياز الذى عقد بمدينة باندونق باندونيسيا في شهر أغسطس عام 1955م ونمت بينهما صداقة وحدث ناصر رئيس الوزراء الصينى عن معاناته فى تعامله مع الامريكان ووضع جون فوستر دلاس وزير الخارجية الأمريكى في عهد الرئيس ايزنهاور العراقيل أمامه وأمام مصر وحرمانهم من التعاقد معهم لشراء السلاح منهم مع عراقيل في صفقات اقتصادية وملفات أخرى ورد عليه شوان لاى ان الأمر والحل في غاية السهولة واليسر وعليه أن يدير لهم ظهره ويتخلى عنهم ويتجه للكتلة الشرقية ودول المنظومة الشيوعية للحصول على ما تبتغيه وتريده مصر وتوسط لهم وحصلوا فى زمن قياسى على صفقة سلاح من تشيكوسلوفاكيا تم تنفيذها وتسليم السلاح لمصر فى وقت وجيز …ومهد شوان لاى (قبل حدوث الخلاف بين الحزب الشيوعي الصينى والحزب الشيوعى السوفيتى ) لعبد الناصر ومصر وأبرموا اتفاقية بناء وتشييد السد العالى بتمويل من الاتحاد السوفيتى مع منحهم فترة سماح كافية لتسديد ما عليهم وكانت تلك مفاجأة لم يكن يتوقعها الأمريكان …وأثناء بناء وتشييد السد العالى حدثت خلافات فى الرؤى السياسية وملاسنات بين عبدالناصر وخرتشوف حول موقف عبدالناصر وأجهزة حكمه و مخابراته من الحزب الشيوعي المصرى وقمعهم للشيوعين المصريين ورد ناصر بأن هذا شأناً مصرياً داخلياً لا يحق لأحد حشر أنفه فيه مع ضرورة عدم خلط الأوراق بين الاتفاقيات المبرمه بين البلدين وبين المسائل السيادية والشؤون والسياسات الداخليه لكل بلد .
وخلاصة القول إن الأمريكان عندما ضيقوا الخناق على مصر وحكومتها لم يتوانى عبدالناصر في ايجاد البديل وبذات القدر فإن الرئيس السادات توافقت رؤاه مع مقولة دزرائيلى ( ليس لبريطانيا أصدقاء أو أعداء دائمين ولكن لبريطانيا مصالح دائمة ) ولحسابات داخلية رآها السادات تتعلق بالأمن القومي ومصالح مصر العليا طرد الخبراءالروس من مصر بطريقة غاضبة واتجه بكلياته للولايات المتحدة الأمريكية وأصبح حليفاً لها وأضحت علاقته قوية بالدول الغربية وذهب أكثر من ذلك ووقع في عام 1978م مع بيغن إتفاقيه كامب ديفيد وزار إسرائيل وأجرى مقابلات مع رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحكومته ومع المعارضة وخاطب الكنيست وفعاليات المجتمع المختلفة …ومنذ نصف قرن من الزمان فإن مصر فى عهود السادات ومبارك والسيسى هى الحليف الذى تعتمد عليه امريكا في المنطقة وتدعمه دعماً سخياً وتبعاً لذلك تسعى الدول العربية النفطية الغنية بكل محاورها وبدرجات متفاوته ان تكون علاقتها حسنة بمصر وتدعمها تبعاً لعلاقتها القوية بأمريكا .
وإن المخطط الدولى والاقليمي الاجرامي الكبير ضد السودان قد فشل ومع ذلك فإنهم يصرون على مناوشاتهم العسكريه للضغط بها لفرض رؤاهم وتشكيل حكومة تكون خاضعة لهم وطوع بنانهم وكانوا يحلمون بتحقيق ذلك منذ الساعات الاولى فى يوم السبت الموافق الخامس عشر من شهر ابريل عام 2023م …وبعد فشلهم اتجهوا بقضهم وقضيضهم لمحاربة الشعب السوداني والمواطنين الأبرياء العزل من السلاح . والخواجات يدعون الشفقة والرأفة حتى على الحيوانات ويدافعون عن القطط والكلاب والخنازير فلماذا صمتوا ولم يطالبوا بإيقاف ما يجرى للمواطنين المحترمين الأبرياء العزل من السلاح فى السودان من جرائم فظيعة وكان المتوقع أن تدفع الشهامة والنخوة والرجولة كثيراً من قيادات العرب لادانة هذه الانتهاكات والجرائم البشعة والمطالبة بإيقافها .
وكما قال المتنبى ( مازال في الكأس باق ) ويمكن للضالعين فى هذا المخطط الخبيث والمنفذين له أن يصححوا خطأهم الفظيع الجسيم ويدركوا أن التفاوض في مجالات الاستثمارات المختلفة يمكن أن يتم بالتفاوض والاتفاق عبر أجهزة الدولة ومؤسساتها (لا بالهمبتة والحقارة )… وان العميل الذى يعمل ضد وطنه يمكن أن يضع لمن يعمل عميلاً عندهم في الخارج سيناريوهات وتصورات وردية خادعه زائفة وقراءة خاطئة تضللهم وتقودهم للفشل حتى وان لم يقصد ذلك (ومن يتبع الدجاج تقوده للكوش ).
والسودان جزء من العالم وهو ليس جزيرة معزولة عنه ويمكن أن تم بينه وبين الآخرين في الدول الكبرى مفاوضات جادة يتبعها عمل وتنفيذ لاقامةاستثمارات مشتركة ضخمة وتعاون اقتصادى في مشاريع كبيرة مع حفظ حقوق الطرفين بلا استبداد وعنجهية وغطرسة استعمارية وبلا تدخل في المسائل الداخليه والاستهانة بالسيادة الوطنية .. والسودان وطن حر مستقل ذو عزة وكرامة وشموخ ويمكن أن يفعل كما فعل الرئيسان المصريان ناصر والسادات ويتجه بثبات منذ البداية وثقة وصلابة حتى النهاية في مد جسور تواصل قوية صلبة وتعاون عسكرى واقتصادى واستثماري ضخم وفي كافة المجالات مع روسيا والصين وتركيا وايران …..الخ
ولابد من إقامة فترة انتقالية جديدة يقودها الخبراء والتكنقراط من الوطنيين الصادقين المتجردين وهذا موضوع الحلقة القادمة