قَحتٌ، سَــــــــوْءةُ اليَسار الخؤون.. شعر: أيوب صديق
قَحتٌ، سَــــــــوْءةُ اليَسار الخؤون
ـــــــــــــــــــــ
شعر: أيوب صديق
يا بلادي ، وقــد دَهـــــاكِ الــدَّمــارُ
واســـــتـــوتْ فـــيه أنفـــسٌ ودِيــارُ
أزهــــقــتْ هــــذه وتِلك طــــواهــا
فــي لهــيبٍ مِــن الجَـحــيمِ أوارُ1
فعلُ قـَـحـــــتٍ وكَـــمْ به من خَـــرابٍ
طــــبقتْ نائيَ الـدُنى الأخـــبـارُ
قـــاتل اللهُ يا بــلاديَ قـَـحــتًا
أظــلمَ اللـيلُ أو أضاءَ الـنهارُ
ما سَــعوْا فيكَ مُمعنينَ فســادًا
أو سَــعى في صلاحِكِ الأخـيارُ
كم دَعا فيكِ صالحون بِليلٍ
فارقـــوا الـنَومَ سُـجَّــَدًا وتَعـــارَّوا2
ســـألوا اللهَ خِزيَ قَحْـــتٍ حَـتى
قَـصـــــمَ اللهُ ظـهــــرَها الجَـبارُ
بِدَدًا جَمعُهم بدا وسَـــقـاهمْ
عـَـلقمَ الظُلمِ ما ســقــــوْا وأداروا
رَهـــطُ قـحــتٍ رَبيبُ كـــل خَـباثٍ
ناجـــسٌ مَـــن مِهــادُه الأقـــذارُ
إنهــم أخــبــثُ الأنامِ قَــبــيــلاً
حــاربوا اللهَ فُســـقٌ فجـَّــارُ
تَخِــذَ القــومُ من (تقدُّمِ) اســـمًا
ذاك بالوهـــــمِ حاجبٌ وســـتارُ
فهي قحــتٌ وإن أتوا بسَميٍّ
كيف يَخفى مَع النَهيقِ الحِمارُ؟
*****
قــومُ شؤمٍ على البلادِ وبؤسٍ
إنهـــم سُـــبةُ الــورى الأشــرارُ
حَكموا الأربعَ الســـنينَ عِجافًا
لَهـمُ الظُـــلمُ بيْــرَقٌ وشِـــعارُ
تَخِذواُ الحَيْفَ والتشفيَ نهْجــًا
بـل لهــمْ فرحــةٌ به وفَخــارُ
وُرِّثَ القــومُ مُمْـرِعًا مُخضــلَّاً 3
وأمـــــــانٌ بِــلادُنا وعَــــــمــــارُ
فمَــشى الظلمُ والتكـــبُّـرُ فيهــا
واســــــتطــال البغـــاةُ والـكُـــفــارُ
إذ عـَـلا الدِينُ في بلاديَ شأنًا
صَــدَهمْ مِــنهُ شِـقــــوةٌ ونَفَـــارُ
فاســــتطــالوا فــحــــاربوه عَـــيانًا
ما كَــفــاهـــمْ بِحَربه الإســـرارُ
فاعتلوْا غَـيرَ عابئين شَـــقاءً
صَهوةَ الفِسقِ مَتنُها الإجِهــارُ
*****
أظلمتْ من سَنا التلاوةِ سُــوحٌ
واحــتواها السُّــقاةُ والخَـــمَّــارُ
منعوا الذكرَ والتدارسَ فــيها
وبها الطَــبلُ حَــلَّ والمِــزمــارُ
وغَــدتْ تلك بعدَ موئلِ علمٍ
سُــوحَ لهــو يؤمُها السُــــمَّارُ
من سَــباهم لباطلِ إقـبالٌ
ثـم للحـــقِ والــتقى إدبـارُ
ذاك ركنٌ من الفسوقِ رَكينٌ
أتخــمَ الخمــــرُ وسعَه والقِمارُ
ثم نَجْوى من الخَنا وكـؤوسٌ
مُــترعاتٌ عــلى (الــرِفاقِ) تُدارُ
وشبابٌ رَعـوْهُ يَنضحُ عُــهْــــرًا
ومُجـُــــونًا، مُـمَـيَّعُـــنٌ مُـــنْهــارُ
ذي فتاةٌ من الرَذيلةِ سَـكْرى
وبهـذي مِــن الســِّحاق سُــــعارُ
ثم ذيَّاكَ بالــشــــذوذِ جـَـهــيرٌ
أو خَـــــنيــثٌ تنـالهُ الأوطـــــارُ
ثَـمَ شـــمطاءُ تبتغي بالتَصابي
سُبلَ العُـهــــرِ، قـد جفاها الخِيارُ
وعجوزٌ على مَشارفِ قَـــبرٍ
فــاته الحِلمُ والتقــى والوقارُ
يَدَعي السَترَ والعَـفافَ كَذوبٌ
وله الفِســــقُ سُــــتْــرةٌ وإزارُ
مُلحدٌ غيرُ عَابئٍ بحسابٍ
ما عَـــناهُ الذنوبُ والأوزارُ
و مقاهٍ تنوءْ مِــن (جَنْباتٍ)4
هَــنَ يا صـــاحِ للزنا أوكارُ
قومُ قَحتٍ على الفسوقِ تَواصوْا
عاهــــراتٌ سَـــــــفــرْنَ والـعُـهَّـــارُ5
*****
فإذا الشامخُ العَمارُ حُطامٌ
وخَـــــرابٌ مُمَـنهــجٌ ودَمــــــارُ
و إذا المُمْــرِعُ النَـدِيُّ تُــرابٌ
بالسَــــــوافيِّ عِـــثــيــرٌ وغُـــــبارُ6
فارقَ النيلُ ضــفــتيْه جَفـافـًا
فإذا الأرضُ بلْـقــــعٌ وبــوارُ
واعتلى يابسَ الغُــصونِ غــــرابٌ
وجــــفــا الـــروضَ بُلبلٌ وهــــزارُ
ينعقُ البومُ في ظــلامِ ديـارٍ
غــاب عنها النجــومُ والأقـــمارُ
إنهم سَــوْءةُ اليَسارِ لعَــمْــري
فُضِحَ الفاسِدُ الخَؤونُ اليَســارُ
و مَضى حـزبُه العجوزُ خِداعــًا
ليس يُغــنـيه مَــكْـــرُه الـكُــــبـُّارُ
ما إنِ الحـــــربُ اشـعلوا بتواصٍ
كان مِنهمْ إلى الفِــرارِ بِدارُ
أضرموها على (الإطاري) وَعْـدًا
واطَّــــباهُــــمْ مع النِساء الفِــــرارُ
خــلَّفــوا الجُــبنَ والخيانةَ إرثـًا
ذا لعمـــري فضــائحٌ وشــــنارُ
كَمْ بِهمْ لجــتِ النفوسُ فَسادًا
في العــمــالات زاحمــــوا وتَباروا
خُّــوَّنٌ حـَـــببَ الخـــيانةَ فــيهمْ
دِرهـــــمٌ ، والجُـــــنــيهُ، والــــدولارُ
وبغايا لهُــــــــنَ مِــنْ أحْضَــانٍ
تُستَـقى مِنْ دَفـيئِها الأســرارُ8
*****
كُلما عَـمتِ البلادَ وســــادتْ
بخُطى الجيشِ فرحـةٌ وانتصارُ
عصفَ اليأسُ والقــنوطُ بقحْــتٍ
واستحالتْ على الــرُجوعِ الــدِيارُ
ذكروا الحُكمَ بالفراقِ فناحوا
حــالَ صَـــبٍ يَعـــودُه التَـذكــارُ
قـــد جَفــتهــمْ بلادُنا وتـناءتْ
مُــــنتأىً لا ينالهُ الــتَّســـــفــارُ9
قــــومُ سُـــوءٍ، أما كفــى لـتراهم
تُـتَــقـى رُفــقـةٌ لَهــــمْ وجـِــوارُ؟
إنهـــمْ أرذلُ الأراذلِ نُجْـــــسٌ
عافَهم في بلادِنا الأطــهار
ُ
أرضُ طُهر ٍ فما لهم بحِماها
بَعـدَ ذيَّاكَ مَسـْــكـنٌ وقَـــرارُ10
ـــــــــــــ
معاني بعض الكلمات ؛
1ــ أوار: هو اللهبً الذي يرتفع من النار وكـأنه لسان
2ــ تعارّ الرجلُ من الليل: استيقظ من نومه..
3ــ ممرعٌ : خصيبٌ، ومخضلٌ: ريَّان.
4ــ (الجَنْبة) مكان كما بلغنا، خُصصَ(في عهد قحت) ببعض الكفتيريات لقضاء الشهوات الحرام.
5ــ عُهَّـار: جمعٌ عاهــرٍ وعـاهرة.
6ــ العـِثيرُ: الغُبار.
7ــ الإطاري: البرنامجُ الإطاري المُقترح لإقامة دولة عَلمانية في السودان تحت حكم الدعم السريع وقحت، وهو الذي هددوا إما تبنية وإما إشعال الحرب، فلم يُتبن فأشعلوا الحرب كما توعدوا.
8ــ دَفيءٌ: الكثيرُ الدِفء.
9ــ التَّسفارُ: كثرةُ السفرِ والارتحال.
10ـ ذَياك: إشارة إلى محذوفٍ وهو عملهم القبيح، والقرارُ: هو المسكنُ والاستقرار.