د. إسماعيل ساتي: بعيدا عن السياسة (عودة لتكسير الثلج)

كتب صديقنا الصحافي المهندس صبري العيكورة قبل ايام مقالاً تحت عنوان (بعيدا عن السياسة – تاريخ تكسير الثلج) تناول فيه سلوكاً ظللنا نظنه شائناً ويعيب صاحبه وهو ما يسميه العامة (تكسير الثلج).

وعودة على ما قيل احببت ان أتناول الجانب الذي قد يفوت على بعضنا التفكير فيه بإيجابية حول هذا المفهوم.،

ولمن لا يعلم، فالمقصود بكسير الثلج هو ما يسميه اخواننا المصريون (مسح الجوخ) ويسميه الناطقون بالإنجليزية (Apple polishing)،، ونعرّفه بأنه المبالغة في كسب رضا طرف آخر بما قد يكون وقد لا يكون فيه من اجل نفع ما!

وانا لا اعرف مصدر (تكسير) الثلج ولماذا سُمي بهذا الاسم؟! لعله وهذا اجتهاد مني مأخوذ من (Ice-breaking) وهو إذابة الجليد بين الأفراد الغرباء عندما يلتقون بتوظيف قصة او طرفة من اجل تلطيف الجو والدخول فيما ينوي صاحبه ان يخوض فيه. وهذا امر مختلف قليلاً عن المعنى الشائع لتكسير الثلج ولكنه ليس بعيداً تماماً فكلاهما يرغب صاحبه في كسب ود ورضا الآخر.

والحقيقة التي يراها البعض ان كسير الثلج لا يؤخذ كله بسلبية، بل بعضه ايجابي وقد يكون ضروريا بحكم جلب نفع او دفع ضرر.

وقد تكون قد قرأت قصةً للأديب الراحل يوسف السباعي بعنوان (ارض النفاق) التي تحولت لشريط سينمائي وتناولت كلاً من النفاق النافع والصراحة الضارة، او تكون قد شاهدت فيلماً هوليوودياً بعنوان (Liar liar)الذي طرح نفس المفاهيم،، وغير ذلك كثير مما تتناوله الدراما التي تجعلنا نخلص إلى ان الصراحة العارية برغم أهميتها قد تكون مؤذية وقد يكون ضررها أكبر من نفعها مما يجعلنا نمحص كلماتنا ونفكر في توابعها قبل ان نعلن عنها للآخر.

قد يكون (كسير الثلج) انما هو (كلمة طيبة يراد بها اتيان أكل ما) للطرف المستمع والطرف المتكلم. فما الضرر في ذلك؟ بل قد يكون من الضروري ان نفعل،، إلا إذا كان ذلك بغرض خبيث كسلب حق لآخر.

ويأخذ مفهوم كسير الثلج أشكالاً عدة منها ما هو بين الأفراد كمجاملة لطيفة، ومنها ما هو بين الدول،. وما الدبلوماسية التي تمارسها الحكومات إلا شكل آخر عصري ومنمق من كسير الثلج ولكنه يقبع خلف أقنعة من الأصول والبروتوكولات التي تدرسها المعاهد المتخصصة! وهذه فنون صارت مطلوبة بل وضرورية. وما الأساليب التي تستخدمها جماعات الضغط في الأروقة السياسية فيما يسمى (Lobeying) إلا مثالاً آخر يوظف ادوات تكسير الثلج لتحقيق اغراض سياسية.

ان كسير الثلج ليس كله سلبي، ولكنه يحتاج لأن يكون صاحبه ذو خلق وحكمة يعرف متى يستخدمها ومتى يتوقف.