*عمار العركي يكتب: خطاب ياسر العطا و نهاية بازار الفشل السياسي*
*عمار العركي يكتب:*
*خطاب ياسر العطا و نهاية بازار الفشل السياسي*
1. يُعزى فشل الممارسة السياسية الديمُقراطيَّة التعددية في السُّودان بتجاربها الأربعة – بما فيها التجربة الحالية – إلى حزمة من الأسباب المرتبطة بطبيعة المجتمع السُّوداني، ونشأة الدولة الحديثة التي أسسها الاستعمار الانجليزي- المصري (1898-1956م)، وتكليف قطاعات المجتمع المدني للقيام بمهامٍ وظيفيَّة محددةٍ، تخدم مصالحه الإمبرياليَّة. على المدى البعيد ، هذا التعاون أفرز واقعاً اجتماعياً وسياسياً متناقضاً، تجسدت تناقضاته في صراعات الانصار والختميَّة، وجدليَّة التقليد والحداثة، وإعادة انتاج قيم الطائفية والقبلية والحزبية في مؤسسات الدولة السُودانية ،وبعد خروج المستعمر أضحت هذه الثنائيات جزءاً من ثوابت الأحزاب الوطنيَّة والسياسية الرئيسة ، حيث قال المرحوم الامام الصادق المهدي – الذي سبق له قيادة حقبتين ديمقراطيتين – وأصفاَ الأحزاب السُودانية بأنها : (تشتمل على معالم تخلف، يختلط فيها الولاء الديني، والقبلي، والجهوي، والفكري، والسياسي، فهذا أمر لا مفر منه. إن السُّودان متخلف اجتماعياً، فكل أدوات العمل العام فيه تعكس هذا التخلف).
2. وما أشبه ليلة اليوم بالبارحة ، حيال (الصراع السياسي علي السلطة ) ، حيث يقول السيد أمين التوم في مذكراته عن ثورة اكتوبر 1964:(وقد تجلت أهداف جبهة الهيئات كما وضح للجبهة القومية الموحدة فيما يلي:
– احتواء ثورة أكتوبر وحكومة الثورة وتوجيه الحكومة الوجهة السياسية التي ترتضيها هي.
– الاعتراض على عودة الأحزاب السياسية التقليدية الكبرى وغيرها والاكتفاء بجبهة الهيئات ممثلة لليسار.
– تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر –مارس 1965م- ثم أخيرا عدم إجراء الانتخابات إطلاقا).
3. كل هذه الشواهد تشير.إلى مواضع الخلل التي عاقت تطور الممارسة السياسية في السُّودان، وبذلك مهدت الطريق لتدخل القوات المسلحة عن طريق انقلابات عسكريَّة صرفة او ذات طابع حزبيَّ ، بلغت أكثر من عشرة انقلابات. نجحت منها ثلاثة انقلابات، استطاعت أن تحكم السُّودان لأكثر من أربعة عقود من الزمن، فارضةً مبدأ الوصايّة السياسيَّة على المجتمع والرأي العام، ويظهر ذلك في حيثيات اتهام تجربة الأحزاب بالفشل وتهديدها لإستقرار البلاد .
4. ففي البيان الأول الذي أصدره الفريق إبراهيم باشا عبود (1958-1964م)، بقوله (إنَّ البلاد قد وصلت إلى حالة سوء، وفوضى، وعدم استقرار للفرد والمجموعة، وقد امتدت هذه الفوضى الحزبية إلى أجهزة الدولة، والمرافق العامّة دون استثناء، بإذن الله سيكون التغيير نقطة تحول من الفوضى إلى الاستقرار.) .
5. وتجددت هذه الاتهامات والوصايا في البيان الأول للعقيد جعفر محمد نميري (1969-1985م)، الذي أكَّد فيه (بأن هَمَّ الأحزاب السياسيَّة لم يكن إلا أن تتسلل إلى مواقع الحكم، ثم تمسك بزمام السُّلطة لمصلحتها الخاصَّة دون اعتبار لمصلحة الشعب، فعمَّ الفسادُ والرشوة أجهزةَ الدولة).
6. تكررت الاتهامات مرّة ثالثة في البيان الأول للعميد عمر حسن أحمد البشير (1989م)، والذي قال فيه: (لقد عايشنا بكلِّ أسى وحرقة التدهور في الفترة السابقة، من ديمقراطيَّة مزيفة، ومؤسسات دستوريَّة فاشلة، وإرادة المواطنين قد تمَّ تزييفها بشعارات براقة مضلله، وبشراء الذمم، والتهريج السياسي).
7. التجربة الحزبية والممارسة السياسية بعد الإطاحة بنظام الانقاذ ، اثبتت بان الأحزاب السياسبة لا زالت في ضلالها وغيها وتخلفها القديم ، ولم تستفيد من تجارب الماضي ، بل إزدادت تخلفاً وإرتهاناٌ للخارج ، مع بروز اجسام وكيانات وكُتل سياسية تحمل جينات ذات الفشل المتوارث.، كما أنها تخلقت في رحم ( الحزبية والتكتل) السياسي مدة اربعة سنوات ، فكانت نتاج وافراز طبيعي لفشل الممارسة وصراع السلطة فيما بينها.
8. ؛باالمقابل ومنذ التغيير وحتي الحرب ، نضجت المؤسسة العسكرية وبلغت سن الرشد والوعي السياسي مستفيدة من خبرتها التراكمية في الحُكم ، وإستيعابها السياسي لواقع ما قبل وبعد الحرب في ظل متغيرات وتطورات سياسبة داخلية وإقليمية ، جعل تظهر ملامح برنامج ما بعد،الحرب في خطاب ياسر العطا.
*خلاصة القول ومنتهاه:*
خطاب الفريق ياسر العطا الذي ذهب،فيه الي وجود فترة إنتقالية بقيادة وإدارة الجيش، بعد الحرب ، ولن يتم تسليم السُلطة للمدنيين الا بإنتخابات في نهاية الفترة الإنتقالية ما هو الا خلاصة ونتيجة منطقية لأخطاء وفشل الممارسة السياسية التي أوردت البلاد مورد الحرب والتهلكة بسبب عبث وإرتهان البلاد بلا تفويض شعبي ، والصعود عبر روافع خارجية وأجنبية التي صممت وتحكمت في واقع السودان بعد الانقاذ من خلال “قحت والدعم السريع ” وحتي 15؛ابريل.
*الذي يقول ياسر عنه كما يقول الجيش والعقل والمنطق بأنه (لا عودة لأخطاء ما قبل 15 ابريل) ، وأكبر الأخطاء وأس البلاء هو اشراك المدنيين و السياسيين في فترة الانتقال الديمقراطي المؤقت ، بدلا من الذهاب والعودة بالبرنامج السياسي والمشروع الوطني الجاذب لنيل التفويض الشعبي،