أعمدة

العيكورة يكتب: ( وهنا قال النبي)

العيكورة يكتب:

( وهنا قال النبي)

بقلم: صبري محمد علي (العيكورة)

في مِثلِ هذه الأيام من كل عام وبعد إنتهاء العيد يخفّ الزحام بالمدينة المُنورة فأنتهزُها سانحة بمعية الأسرة للزيارة والسياحة والعِبادة و الزيارة و تلمُس البركة إعتصرنى ألمٌ لتمنُع السُبل هذا العام بسبب جائحة (الكُورونا) نسأل الله أن يرفعها عاجلاً غير آجل بلطفه ، هربتُ الى ذاكرة (الموبايل) تصفّحتُ كُل صُور العام الماضي علّها تُطفئ لهيبُ شوقٍ يُحرقُنا تذكرتُ مقالاً كُتبه قبل عامٍ هُناك لهثُتُ أفتِش في عُجالة لأستله من بين ملفات الحاسوب أعاد الىّ بعضاً من عبق العام الماضي . فتعال معي عزيزي القارئ أصطحبُك وأيُ صُحبةٍ إنها داخلُ مدينة رسول الله ومن يأبى المدينة !

مدينةُ رسول الله صلي الله عليه وسلم مَهُوي الافئدة و دواء القلُوب وسائلة مآقي العاشقين و المُحبين . المدينة هي خير لهم لو كانوا يعلمون ، المدينة من استطاع ان يمُتْ بها فليفعل فقد حُرّمت علي الدَجّال وعَصَمها اللهُ من الفِتن . المدينة المنورة إسم علم أطلقه نبيُ الهُدي بعد أن كانت تُعرف ب (يثرِبْ). كُلنا تعلمنا صغاراً التاريخ الاسلامي و السِيرة العطرة وكلما تقدمت بنا الدراسة ازدادت الجُرعات وإتْسَعَ الفهم . كان أستاذُنا محمد الحاج فضّل الكريم (حِنَينْ) بابتدائية (العيكورة) عندما يَقُصُ علينا سيرة معركةً مِن معارك المُسلمين و يخرجُ فارس لمُبارزة المُشركِين كان يُوقِفُ السّرْد وينهضُ من كُرّسِيْهُ طالبا مِنّا ان (نُصَفِقُ) لهذا الصحابيُ الجليل وكانت تقشعرُ جُلودنا الغَضْة لمواقفِ البُطُولة والشجاعة لأولئك الابطال . ولعَمْري كان قِمّة الفهم والتربية من أستاذُنا رحمة الله عليه .

و قد أكرمنا اللهُ ان نزُورها مع القاصدين مراتٍ ومرّات فله الحمدُ و المِنّة ومن داخل أحد الفنادق القريبة أجلسُ في ركن قصي حولي كراسي مُبعثرة خُصِصتْ لطالبي شبكة (الإنترنت) و أسعي جاهداً أعتصرُ شبكة (الوايفاي) بالهاتف بعد أن إستعصي الحاسُوب و تعذّر القِرطاس والقلم فالخاطرة جاءت بلا ميعاد ولا سابق ترتيب أحاوُلُ إستحضار الكثير و قناعتي أنني لن أظفر الاّ باليسير مما أريدُ فبعض المواقف تسبقُها دُمُوع وتراكُم أفكار فيضيعُ ترتيب المعلومة وتواتر السّردِ الهادئ و من يري أو يمشي علي ثري أرضٍ كتبت التاريخ وأي تاريخٌ أنصعُ من تاريخِ مدينةُ رسول الله لن يكُن مُترابط الجأش بلا شك ، هَربتْ مِني الافكار كما لم تَهربُ مِنْ قبلُ تُزاحمُنى سُطُور السِيرة العطرة لا تستطيع أن تُقدم أو تُؤخر هذه على تلك فكُلها مناراتٌ و مُثُل. وإنك لعلي خُلقٍ عظيم ومَنْ يُحصي ما أطلقهُ اللهُ بلا قيدٍ و مَنْ يُحيطُ بهذا الخُلق؟ أحقاً هذه القُبة و هُنا القبرُ ! وهُنا صاحبيه أبا بكرٍ وعُمَر رضي الله عنهما وذاك البقيعُ وعُثمان؟ فهُنا مشي رسولُ الله وهُنا إمتنع إمامُ دار الهجرة (مالكٌ) أن ينتعل حذاءاً خَشية أن يطأ موطئا وطأه رسول الله ! . هُنا (دعُوها فإنها مَأمُورة) فكان المسجدُ والحُجُرات و قيادةُ الجيش و هُنا إمتحانُ القلُوبِ بالتقوي و خفضِ الصَوتِ عند السلام ! وهُنا يا سارية الجَبل و هُنا ما ضَرّ عُثمان ما فَعل بعدِ اليومِ وهُنا مشي الصادقُ المَصْدُوقِ يربطُ علي بطنهِ الشريفة الحَجرينِ من الجُوع و هُنا نزلتَ وعلى الثلاثة الذين خُلفوا فكانت توبةُ اللهِ علي كعبٍ بن مالك و مَرَارة بنُ الرْبيع و هِلال إبنُ أُبي أُمَية فتابوا. وهُنا كانت تمضي الأهلّه فالأهّله وما يُوقدُ في بيتِ رسولِ الله من نار ، وهُنا قَدْ سَمِعَ اللهُ قول التي تُجادلُ النبيُ في زوجها خولة بنتُ ثعّلبة إستمع لها الفاروق عُمر في أزقة المدينة وهو خليفة وكانت حينها عجوزٌ شمطاء تعظهُ فقيل له يا أمير المؤمنين أتسمع لهذه العجوز فى الطريق وأنت أميراً للمؤمنين فقال لهم هذه التى سمع الله قولها من فوق سبع سماوات أفلا يستمعُ إليها عُمر! و هُنا قبُاء أول مسجدٍ أسِسَ في الاسلام صلاتهُ تعدلُ عُمرة و هُنا مسجدُ القبلتين و قد نري تقلُب وجهِك نزلت هُنا أثناء صلاة العصرٍ هى الصلاةُ الوحيدة التي أتمّها النبىُ بقبلتي المسجدِ الحرام و المسجدِ الأقصى و هُنا كان أمرُالخِمَار والجلابيب تتنزلُ صلاةُ العشاءِ فرحم اللهُ نساءُ الانصارِ لم ينْتظرنّ الصَباَح والاسواقِ فَشققْن ستائر المنازل واختمَرْن بها وصَليْن الفَجر خلفَ رسول الله بأمرِ آية البارحة ، وهُنا تُربة تشفي كُل داءٍ (تُربة أرضنا بريقُ بعضِنا تَشفِي سَقيمُنا) وهُنا كانَ ينزلُ الرُوُحُ الأمينُ بجوار (باب جبريل) بالمسجد وهُنا مكانُ أهلُ الصُفّة من فُقراء المدينة كان النبيُ يُجالِسهُم ويؤانسهم و يتمني أن يُحشر معهُم . و هُنا (أثبتْ أحُد) فان عليك نبيُ وصديق وشهيدين وهُنا بئر رومة الذى إشتراهُ ذو النورين عُثمان بعينٍ فى الجَنّة وهُنا مِسكُ الرُباعية الشريفة و دمائه الطاهِرة ما زالت تُحدثُ عن العريش وعن الرُماة وابنُ الوليد وهُنا الشُهداء وهُنا البقيع و هُنا النخيلُ والعجْوة و (الدُقّة) وخُبز يكرم بها أهل المدينة زُوارِها

وهُنا روضةُ مِن رياض الجنّة ما بين المنبر والحُجرة تُنالُ بها المكارمُ و الشرفْ والرفعة كُلّها . وهُنا كان أذان بلالٍ الذي أبكي المدينة ليلُها في عهد عُمر و هُنا كان الصديقُ يخدم العجوزُ العمياء بضواحي المدينة و هو أميراً للمؤمنين وهُنا حَمَل الفاروقُ الدقيق ونفخ النار ليطعم الايتام وليت أم عُمر لم تلد عُمرقيلت هُنا. وهُنا مسجدٌ الغَمَامْة التي ظللّت النبيُ في صلاة العيد مازال شاهداً شيدهُ الاتراك من الحجر الطبيعي وهُنا موقع مسجد الضرار ما زال الموقعُ خرباً مهجورا وهُنا الكثير والكثير الذي عجزت عنه الذاكرة .

اللهُم هذا جَهد المُقل من عبدك الفقير اللهُم و لا تجعلها آخر عهدنا بزيارة مدينة نبيك صلي الله عليه وسلم واكتبها اللهُم لكل من هفا قلبه شوقاً وحالت دونه السُبُل . وصلي اللهم وسلم علي نبيك محمد .

السبت ٣٠/ مايو ٢٠٢٠م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى