أعمدة

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: المتهمان في جريمة حرائق السودان

نبض للوطن

أحمد يوسف التاي

المتهمان في جريمة حرائق السودان

(1)

يوجد متهمان إثنان هما محور كل الشرور في السودان،ولن تجد مشكلة أو أزمة إلا وتنتهي إليهما بالضلوع ، أو التسبب فيها ،ولم تحدث كارثة أو فتنة قبلية تحصد أرواح الأبرياء، أو أزمة سياسية تعطل مسار التحول الديمقراطي والإستقرار السياسي، أو مشكلة أمنية ، أو ضائقة إقتصادية تعطل مسيرة النهضة والتنمية والبناء الوطني، إلا وتجدهما ضالعيْن فيها، وبصماتهما لاتخفى على كل ذي بصر وبصيرة…

(2)

ظلتْ ولاتزال “الأيدلوجيا”، و”القبيلة” هما وقود الصراع السياسي في السودان، وهو صراع بين قوى يمينية متطرفة تتوهم أنها تمتلك الحقيقة والصواب دون سوها ، ويسارية متحجرة أسيرة النظريات القديمة الفاشلة استعصى عليها مغادرة محطتها الأولى.. وهو في الواقع – أي صراعهما – مهما ارتدى عباءة الدين والآيدلوجيا والقبلية يظل عندنا هو صراع حول الكراسي، والمواقع والمناصب واحتكار السلطة والموارد والثروات دون العامة..

(3)

صحيح أن القبلية في السودان رغم استشرائها إبان حكم المؤتمر الوطني إلا أنها لم ترتقِ إلى مراقي “الآيدولوجيا” وقوتها وتأثيرها في الصراع، لذلك اُستخدمت الآيدولوجيا كوقود للصراع وتحفيز الأتباع وتحريضهم على القتال، والتعبئة ضد الخصوم السياسيين المنافسين، عوضا عن القبلية التي استخدمت بدرجة أقل في عمليات الإستقطاب السياسي كجزء من مغذيات الصراع..

(3)

يقول ابن خلدون في قدمته الشهيرة (الفقرة 36)، أن

الصراعات السياسية لابد لها من نزعة قبلية أو دينية لكي يحفز قادتها اتباعهم على القتال والموت فيتخيلون أنهم يموتون من أجلها..

إذن ووفقا لمقدمة ابن خلدون أعلاه، فإن أبالسة السياسة، وثعالبها وطلاب السلطة المتصارعين على كراسي الحكم والمال والجاه واحتكار الموارد والثروات يمارسون أكبر خديعة على غمار الناس إذ يصور (المؤدلج اليميني) للناس أن وقوفهم إلى جانبهم هو جهاد في سبيل الله، ونصرة للدين، ولكن سرعان ما تتكشف حقيقة الأشياء بالممارسة إذ يبدو الذين يستترون بالدين هم أبعد الناس عن الدين وأخلاقه ومباديه وقيمه وسلوكه وعدله..

(4)

وفي الضفة الأخرى يمارس (المؤدلج الآخر اليساري) خديعة أخرى إذ يصور لغمار الناس أن وقوفهم معهم نضال وطني (قائمة شرفاء الوطن) ضد اللصوص، ومن أجل البسطاء والمقهورين والمعذبين في الأرض…ومن أجل الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية..

ولكن ما أن تأتي لحظة الممارسة تجد الشعارات البراقة نفسها في محك الإختبار فتتكشف حقيقة الأشياء إذ يبدو الذين يستترون بتلك الشعارات هم أبعد الناس عنهاتماما..ولنا في تجارب (الإسلاميين، واليسار) خير دليل…

(5)

إذن ووفقاً لما سبق فإن المتصارعين على الكراسي يريدون تقسيم الأمة السودانية في إطار الاصطفاف والاستقطاب السياسي إلى قسمين فقط من أجل تسخين حلبة الصراع: فإما أن تقف يساراً لتكون من شرفاء الوطن المناضلين من أجل الحرية والسلام والعدالة، وما عداهم هم منافقون فاسدون دجالون، ولصوص..

وإما أن تقف يمينا لتكون من أولياء الله الصالحين المحتكرين للصواب والإيمان والحق، وما عداهم عملاء وخونة وملحدين وجواسيس…

هكذا يضعون مشهد الصراع السياسي ويريدوننا كالقطيع نبصم بالعشرة ونقف حيث يريدوننا لاحول لنا ولاقوة وذلك لإشباع رغباتهم وأطماعم السلطوية…

وهؤلاء هم من يشعلون الحرائق ويغذون صراعاتهم بالآدولوجيا والقبلية، قاتلهم الله، تباً لهم جميعاً…اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة اخيرة:

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى