أعمدة

نبض للوطن أحمد يوسف التاي نعم “عبثية” ولكنها ضرورية لهؤلاء (1)

يسألونك عن حتمية حرب (خراب الخرطوم) ، فهل كانت حربا ضرورية، لا مناص منها ولامفر؟ الإجابة عن هذا السؤال الجوهري، يحسم كثيرا من الجدل الذي يتسربل به “العراة” لعله يستر عوار منطقهم… فلنبدأ بمنطق حميدتي الذي قال أن الحرب (فرضت علينا)..حسنا، إذن كيف فرضت عليه هذه الحرب؟

فإذا كانت مليشيا الدعم السريع تريد فرض الإتفاق الإطاري على رافضيه أو المتحفظين على بعض بنوده، فهل كان عليها أن تعلن الحرب وتحتل منازل المواطنين بعد طردهم منها، وتُحدث كل هذا الدمار والخراب لكي تفرض “الإطاري” وإجبار المخالفين، للإتفاق على التوقيع؟ وماقيمة التوقيع بالإكراه وتحت وطأة البندقية؟ وهل كان رفض التوقيع أو التحفظ على الإتفاق يستدعي كل هذا الدمار والخراب والتقتيل والمجازر والتشريد وتعطيل الحياة، وأيهما أفضل، مجادلة الرافض والمتحفظ، بالحوار والتفاوض وإن طال أمده وتعنتت الأطراف، أم أن الأفضل هو ما حدث من تدمير وفظائع.

(2)
وإذا كانت مليشيا الدعم السريع تريد حماية الديمقراطية وانتقال السلطة للمدنيين، فهل كانت الحرب أمرا حتما لتحقيق ذلك الهدف، وماذا تعني الديمقراطية لمواطن اغتصبت بناته وزوجته، وقتل بعض ابنائه ونُهبت داره بكل مافيها، وشُردت اسرته، أما كان بالإمكان أن نحمي له الديمقراطية دون هذا التحطيم الكارثي؟
(3)
أما الجيش، فمعظم المعطيات تشير إلى أنه الطرف الذي فُرضت عليه الحرب، وأن معظم قادته ورتبه الرفيعة لم تكن تعلم ساعة الصفر، وأنها تفاجأت بقعقعة السلاح في قلب العاصمة، بدليل اعتقال الكثير منها..وفي هذه الحالة فإنه لا سبيل للجيش السوداني إلا خوضها طالما أعملت ” الدعم السريع” سلاحها في وجهه واعتقلت وقتلت قادته، واستهدفت حياة القائد العام.
(3)
الطرف الثالث الذي أشارت إليه أصابع الإتهام في هذه الحرب هو قادة وعناصر النظام المخلوع، هذا الطرف تبدو الحرب بالنسبة له حتمية بمقاييس المكاسب التي سيحققها دون خسائر كبرى تلحق بالتنظيم، وبحسابات إيجاد مخارج من و(رطات) والتخلص من الإتفاق الإطاري الذي رأى فيه قادة النظام المخلوع حبل مشنقة يتربص بهم الدوائر ولافكاك منه، ولا سيما أن الاتفاق يحمل في أحشائه عودة لجنة (التفكيك) ذلك البعبع المزعج لعناصر النظام المخلوع …
(4)

إذن المبررات التي تذرعت بها مليشيا الدعم السريع وأعلنت عنها لتبرير حربها كانت اوهى من بيت العنكبوت، مما يستدعي فرضية أهداف أخرى مستترة، ربما كشف عنها إحتلال منازل المواطنين وطردهم منها، وإشارات سبقت الحرب..
وأما المبررات التي لم يعلن عنها الطرف الثالث لإشعال الحرب وجعلها مخفيه، كانت بالنسبة له مبررة لاستعادة الحكم، والإفلات من العقوبات والمحاسبة، وليس أمامه من سبيل إلا تعطيل (الإطاري) الذي كان في نفس الوقت ك(قميص عثمان) بالنسبة للمليشيا المتمردة
أما الطرف الرابع، المتمثل في أحزاب صغيرة داخل قوى الحرية والتغيير، كانت الحرب لها ايضا ضرورية للتخلص من خصومهم التقليديين (الكيزان) بواسطة مليشيا الدعم السريع..
أما بحسابات المسؤولية الوطنية، والإنسانية والعقل والمنطق، تقول إن هذه الحرب ليست حتمية، بل عبثية، وكان بالإمكان تجنبها بالحوار والسياسة، فلا ضرورة لها إطلاقا، فلسنا بحاجة لحماية الديمقراطية بهذا الدمار والخراب، ولسنا بحاجة إلى التخلص من الكيزان بالحرب ولابغيرها، ولسنا كذلك بحاجة إلى إعادة النظام السابق بالحرب، أعود وأقول الحرب فُرضت على جيشنا، فلم يكن أمامه مناص ولابد من خوضها وقد فعل كما يفعل جيش أي بلاد في الدنيا..
…..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة اخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى