سودانيون: ندفن موتانا في البيوت لصعوبة الخروج من المنازل..آخر راتب صُرف قبل شهر رمضان
يرسم الكاتب والباحث السياسي أحمد المسلمانى صورة لما يجرى فى السودان قائلًا: ” الموت في كل مكان في بلادنا، البعض دفن قتلاه في المنزل، فقد بات من الصعب علينا مغادرة المنازل في ظل هذه الأجواء فنموت ولا نجد من يدفن جثثنا” بتلك الكلمات البسيطة وصف السودانيين الفارين الى القاهرة الوضع المأساوي الذي عاشه السودان في عيد الأضحى، حيث قام بعض الشباب بمبادرات الدفن في الشوارع، يجمعون الجثث، ويحفرون في أيّ مكان ويدفنون. وبعضهم لم يتمكّن من الصلاة، وربّما لم يعرف اتجاه القبلة. كان الهدف هو الدفن بأسرع ما يمكن، بعدما تمكّنت الكلاب الضالّة من نهش عدد من جثامين القتلى.
تقول سيدة سودانية في تصريحات لها ” لا أصدّق أنّ هذا حدث عندنا، نحن السودانيّين طيّبون، وسمعتنا في العالم كلّه هي الطيبة والبساطة، من أين جاء كلّ هذا الحقد، وكلّ هذا الدم؟ لولا أنّني رأيت بنفسي حالات عديدة من نساء تمّ اغتصابهنّ، ومنازل تمّ نهبها وقتل ساكنيها، لمَا كنتُ صدّقت أنّ هذا حدث لنا، وحدث بأيدينا”
وتحت رعاية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دعا العلّامة الشيخ عبد الله بن بيّه رئيس “مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي” ورئيس “منتدى أبو ظبي للسلم” نخبةً من مثقّفي دول الساحل والسودان للتباحث بشأن المعضلة السودانية وذلك بعد شهرين من اندلاع الحرب في السودان، وعلى أثر ذلك عقد “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم” لقاءً تشاوريًا في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
حضر اللقاء رئيس الوزراء الموريتاني محمد ولد بلال، وقال العلاّمة الشيخ عبد الله بن بيّه في ورقته التأسيسية المتميّزة: “هذا ملتقى علماء وليس ملتقى سياسيّين، وإذا كنّا إزاء سؤالين: من الذي أشعل النار في السودان؟ وكيف يمكن إخماد هذه النار؟ فإنّ جهدنا ينصبّ على الإجابة على السؤال الثاني”.
وفي لقاء نواكشوط التشاوري قال الداعية الإسلامي محمد ماجد مدير مركز آدم في واشنطن: “لقد نشأت في السودان، وشاركت في حياتي في عشرات الفعّاليات لدعم السلام في العالم، ولم أتوقّع أن أشارك في مؤتمر لوقف الحرب الأهلية في بلادي، فالمشاهد المأساوية في السودان تفطر القلوب. من جثث الشوارع إلى اغتصاب الحرائر. إنّها مشاهد فوق الاحتمال”.
وقالت الأكاديمية السودانية الدكتورة فادية أبو صالح “لقد غادرت السودان ووصلت إلى دولة بنين قبل أيّام، وشعرتُ عند وصولي إليها أنّني وصلت إلى أفضل بلد في العالم، وذلك ببساطة لأنّني وجدت الأمن، فليس أفضل في العالم من الشعور بالأمن”.
وروت الدكتورة فادية أبو صالح “آخر راتب تمّ صرفه في السودان قبل شهر رمضان، ويبيع الناس ما يملكون من ذهب نسائهم من أجل المغادرة. لقد تمّ نهب البنوك، وأمّا وزارة الداخلية فقد تمّت تسويتها بالأرض، وقصص القتل والاغتصاب أصبحت حديث كلّ يوم في الخرطوم. إنّنا نسأل بعضنا كلّ صباح: كم قذيفة ضربت جدران بيوتكم أمس، وكم رصاصة سقطت في فناء منزلكم اليوم؟!”.
وفي تصريح له قال أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة ” إنّ السودان يغرق في العنف بسرعة غير مسبوقة، ويتمّ تدمير خطوط الإمداد وهدم البنية الأساسية بلا توقّف.
وأثرت الحرب على السودان تأثيرا قويا ففي خلال شهرين فقط هبط إنتاج النفط بنسبة 90% وزاد عدد النازحين على مليون شخص”. وقتلت أعداد هائلة من الفارّين من مدينة جنينة إلى مدينة أدري في تشاد، فيما المسافة التي لا تزيد على 27 كلم قطعها اللاجئون في 8 ساعات، وقد تناثرت جثث القتلى على طول الطريق لعدّة أيام.
في إطار البحث عن حلّ أو شبه حلّ، طرح الإعلامي الموريتاني الشيخ ولد السالك دورًا للطريقة التيجانية في تهدئة الوضع في السودان. وروى عبد الله ابن الشيخ ماحي إبراهيم نباس خليفة الطريقة التيجانية في إفريقيا، وقائع زيارة والده لدارفور قبل عام ولقائه الفريق عبد الفتاح البرهان وحميدتي ونجاحه في تهدئة الوضع المتدهور في غرب السودان.
طرح آخرون “مبادرة وجبة العشاء” لتزويد النازحين السودانيين بوجبة نهاية اليوم، وذلك أنّ الأطفال ينامون من دون عشاء. وطرح البعض الآخر مبادرة لرفع المصاحف في وجه الجميع في السودان والضغط الديني لوقف القتال.