أعمدة

ماذا لو سقط الاطاري؟

بشفافية

حيدر المكاشفي

سألني سائل بالطريقة السودانية (قووول بحركات وتحركات وتكتكات والاعيب التلات ورقات التي ينخرط فيها جبريل ومناوي وأردول وعسكوري وترك وهلمجرا من المتكتلين ضد الاتفاق الاطاري، نجحوا في اسقاطه، أها وبعديييين)، أجبته سريعا وبالطريقة السودانية ذاتها (وبعديييين كراع جادين)، ولكراع جادين هذه حكاية ربما نأتي عليها أو لا نأتي بحسب المساحة المتاحة..

المهم أن هذا السائل طرح سؤالا غاية في الأهمية يتطلب التدبر فيه واستصحابه عند مناقشة الأزمة السياسية الناشبة، اذ لا يكفي مهاجمي وناقدي الاتفاق الاطاري كيل السباب والاتهامات له ولعن سنسفيل مواده وتبخيس موقعيه والتبكيت عليهم و(بس خلاص)، عليهم قبل ذلك مناقشة (البديل المجهول حتى الآن) الذي سيحل محل الاطاري (بعد حذفه)، والى أي مدى سيجد هذا البديل الاجماع الذي يتمشدق به معارضي الاطاري، وهل يملك هذا البديل من الحظوظ ما يمكنه من المضي بسلاسة حتى نهاياته بما لم يتوفر للاطاري..الاجابة المنظورة على هذه الاسئلة بدلالة جملة من الحيثيات والوقائع والحقائق الماثلة، تؤكد بأن الاجابة هي لا كبيرة، فمن حيث كنه الاتفاق البديل وتفاصيله فهو لا يزال مجهول وغير معروف الهوى والهوية، ولكن بناء على ما يصدر من قيادات المتكتلين من اشارات عامة عن ما قد يحتويه، فهي تشير الى أنه سيكون أقل قامة بكثير مما حواه الاتفاق الاطاري فيما يخص ارساء قواعد الدولة المدنية والديمقراطية الخالصة،

أما من حيث القبول به فكل الشواهد والدلائل تؤكد أنه سيواجه بمعارضة أعرض وأشرس من تلك التي يواجهها الاتفاق الاطاري، وهذا سيؤدي في المحصلة الى تأزيم ما هو مأزوم أصلا، وهذه هي (بعدييين) التي سأل عنها سائلنا، وفي هذه الحالة لن يكون البديل الا واحد من اثنين، اما انقلاب عسكري وهذا مستبعد عندي، أو جهة معادية للثورة تستثمر في مثل هذه الاجواء بل هي أصلا صانعة لها و مساهمة فيها، وهذا في تقديري هو البديل الجاهز، ولن يكون هذا البديل غير فلول النظام البائد ومجموعة المصالح المستفيدين من فساده، وعندها سنكون كالمنبت لا ظهرا أبقى ولا ظهرا قطع وتعود الدورة الخبيثة (ديمقراطية..انقلاب) وتدور البلاد في هذه الدوامة مثل جمل العصارة، أوربما بافتراض آخر وبما للفول من دور واضح للاستثمار في هذه السيولة والهشاشة، بالعمل على إرباك واضعاف الاتفاق الاطاري وإنهاء الفترة الانتقالية قبل أوانها، ، خاصة وأنهم يملكون وسائل ذلك عبر وجودهم في مفاصل دولة التمكين التي امتدت لثلاثين عاما، كما يملكون شبكة علاقات الفساد والمصالح التي انتجوها خلال حكمهم، وهي شبكة تستميت في مقاومة أي تغيير يستهدف مصالحها، ومن اجل الوصول الى هدفهم النهائي ربما تكون الانتخابات المبكرة التي يملكون أدواتها من قدرات تمويلية وعلاقات الفساد القديمة، وربما علاقات اقليمية مازالت موصولة هي هدفهم..ولهذا المطلوب من كل قوى الثورة ان ترتقي الى مستوى المسؤولية وترتفع الى قدر هذا التحدي للعبور بالمرحلة الانتقالية الى بر الأمان بعد ارساء قواعد وأسس الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، دولة الحرية والسلام والعدالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى